الجمعة، 9 يناير 2015

ترجمة الإمام الأوَّاب شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب


ترجمة الإمام الأوَّاب شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب

.

.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا

من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك

وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

أما بعد فهذه نبذة عن دعوة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

وسيرته، مقتسبة مما كتب في ترجمته أو عن دعوته قديما وحديثا

مما يغني عن الحالة في كل موضع.

نسب الإمام:
هو: الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن

راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف الوهبي التميمي.

مولده:

ولد ـ رحمه الله ـ ببلدة ( العيينة ) الواقعة شمال غرب مدينة الرياض

وتبعد عنها نحوا من ثلاثين كيلا، وكان ذلك سنة خمس عشرة وألف من الهجرة ( 1115 هـ ).

طلبه العلم وشيوخه:
ينحدر الإمام محمد بن عبدالوهاب من أسرة علمية شهيرة

فأبوه الشيخ عبدالوهاب ( ت 1153هـ)، كان من الفقهاء، وقاضيا في العارض

وجده الشيخ سليمان ( ت1079 هـ ) كان متبحرا في علوم مذهب الإمام أحمد بن حنبل

ومرجعا لعلماء نجد في زمانه، تولى القضاء مع العفة والصيانة

وعمه الشيخ إبراهيم ( ت 1141هـ )، وهو ممن تخرج بأبيه، وكان يتردد على ما حول العيينة للإفتاء والتوثيق، وتولى القضاء في بلدة ( أشيقر ).

حفظ القرآن العظيم ولم يتجاوز سنه عشرة أعوام، وشرع في طلب العلم

فقرأ على والده وعمه، وتخرج بهما في الفقه وغيره، وكان رحمه الله سريع الحفظ والكتابة

قوي الإدراك، كثير المطالعة، شغوفا بها، ولاسيما في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام

قال ابن بشر:
( فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه، ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه ).
ثم رحل إلى عدد من الأمصار لطلب العلم والحديث والتفقه في الدين

فرحل إلى الحجاز والبصرة والزبير والإحساء، وقرأ على جملة من علمائها

وتحصل على إجازات في الحديث وغيره.

وكان من شيوخه:

الشيخ عبدالله بن سالم البصري الشافعي، حافظ البلاد الحجازية ومسندها في وقته ( ت1134 هـ ).
والشيخ عبدالله بن إبراهيم بن سيف، من أفاضل فقهاء المدينة النبوية (ت1140هـ ).
والشيخ محمد حياة بن إبراهيم السندي، من كبار المحدثين في عصره (ت 1163هـ )

وهو من أخص تلاميذ الشيخ محمد بن عبدالهادي السندي، صاحب الحواشي الشهيرة على المسند والكتب الستة.
والشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الشامي، صاحب المصنف الشهير

( كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ) ( ت1162 هـ).
والشيخ عبدالله بن فيروز الإحسائي ( ت 1175هـ).

تلاميذه:

أخذ عن الإمام الجم الغفير من أهل الدرعية والواردين عليها

في وقت كانت فيه حاضرة من حواضر العلم في بلاد المسلمين، وممن تتلمذ على الشيخ أبناؤه:

الشيخ حسين (ت1224 هـ )

والشيخ عبدالله (ت1242هـ )

والشيخ علي

والشيخ إبراهيم

وحفيده المجدد الثاني للدعوة الشيخ عبدالرحمن بن حسن ( 1285هـ)

وممن أخذ عنه:

الشيخ سعيد بن حجي (ت 1229هـ )

والشيخ عبدالعزيز بن حصين ( ت1237هـ )

والشيخ حمد بن معمر ( ت1225هـ )، وغيرهم كثير.

مؤلفاته:

عني الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بالتأليف في أنواع من العلوم

على أوجه متعددة من طرق التأليف

وقد اجتهدت الأمانة العامة لأسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب في حصر مؤلفات الشيخ داخل المملكة وخارجها[1].ومن أشهر مؤلفات الشيخ:

كتاب التوحيد الذي يعد فريدا في بابه

وكشف الشبهات، الذي أتى على أصول شبهات القبوريين فأبطلها

وفضائل الإسلام، الذي يعد تبيانا لمنهج السلف الصالح

ومجموع الحديث الذي يحتوي على ستمائة وأربعة آلاف ( 4600 ) حديث من المرفوع والموقوف على الصحابة, عدا آثار التابعين وأقوال العلماء

مع حسن السياق والاختصار والتحرير والتبويب

ومختصر زاد المعاد

ومختصر سيرة ابن هشام

و فضائل القرآن

وغيرها من المؤلفات المطولة والمختصرة والردود والرسائل.

وتتميز مؤلفات الشيخ بميزات منها:

سهولة العبارة ومتانتها، ومراعاة المخاطب بها، مع مجانبة الألفاظ الكلامية، والأساليب الفلسفية

والعبارات المبتذلة. والاعتماد على الدليل، وعمق الاستباط، وانتزاع المسائل من الأدلة

وعدم التفرد بقول لم يسبقه إليه إمام معتبر، وحسن الترتيب في التصنيف، ولزوم أدب المناظرة.

وفاته:

بعد عمر مديد حافل بالدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله

وفي شوال من سنة ست ومائتين وألف للهجرة ( 1206 هـ ) ابتدأ المرض بالإمام

وفي يوم الاثنين من آخر الشهر، توفاه الله تعالى، وكان له من العمر اثنتان وتسعون سنة

قضاها في العلم والعمل، مع الورع والزهد، ولم يخلف ميراثا لا دينارا ولا درهما، فرضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنة مثواه.الحال في نجد والعالم الإسلامي قبل الدعوة السلفية في نجد. **كان العالم الإسلامي يعيش تحت وطأة التصوف بسلوكه المنحرف

المتمثل في طرائقه البدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان

حتى غُمس العامة ـ بافتراءات الدجاجلة مشايخ الطرق الذين يزعمون أنهم أولياء الله

وأن صكوك الغفران بأيدهم ـ في قبائح البدع، وعظائم الشرك ؛ باسم التقرب لله

والإتباع لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زورا وبهتانا، وهو في حقيقة الأمر حجر على العقول

وتسفيه لها في الوقت نفسه ؛ وصولا إلى الاستيلاء على الأموال بالباطل، وتحصيل الصدارة في المجتمع والمجالس.


**والتعصب للمذاهب بلغ ذروته، فترد السنة للمذهب، ويعارض هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقول إمام من الأئمة

حتى رمي من اختار من أقوال المذاهب ما رجحه الدليل ـ إذا كان على خلاف مذهبه ـ بأنه ضال

وصارت كتب السنة تقرأ للبركة فحسب ؛ فضعف تعظيم السنة في النفوس

حتى صارت السنة بدعة، والبدعة شرعة، والعبادة عادة

كما في وصف علامة الشام الشيخ محمد السفاريني ( ت 1188هـ ) في كتابه (غذاء الألباب 2 / 314 ).
ومن طالع ماكتبه العلماء والمؤرخون عن هذه الحقبة الزمنية وما قاربها

وما هو مدون في كتب التراجم والطبقات على سبيل الحكاية، عرف مصداق ماذكرته

كما في وصف البهوتي (ت1051 هـ )

والصنعاني ( ت1182هـ )

والنعمي (ت1187 هـ )

والشوكاني (1250هـ )

والجبراتي (ت1237هـ )

وابن غنام (1225هـ )

وابن بشر (ت1290هـ )

وغيرهم كثير، وقد لخص عدد من المعاصرين هذه الحالة، ومنهم:

1ـ الدكتور عبدالرحيم عبدالرحيم فقال:

( والناظر في أحوال نجد قبيل ظهور المصلح السلفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

يجد أن الناس أصبحوا يقدسون الأولياء، ويحجون إلى قبورهم، ويتمسحون بأضرحتهم

ويقدمون لهم النذور، ويستشفعون بهم لجلب منفعة أو لدفع ضر

وأضحت هذه الأمور عقيدة راسخة عندهم...

والحقيقة أن هذه الحالة لم تكن مقصورة على أهل نجد دون بقية سكان شبه الجزيرة العربية وما يجاورها من أقطار العالم العربي ). الدولة السعودية الأولى ( 26 ـ 27 ).

2 ـ والأستاذ أمين سعيد ( تاريخ الدولة السعودية ص33 ):

( وكانت البلاد العربية كلها تعيش وسط ضباب كثيف من الجهل

والتعليم يوشك أن يكون مفقودا ومعدوما

وكان عدد الذين يقرؤون ويكتبون في داخل المدن لا يتجاوز العشرات...

في حين أن الإقبال على البدع والخرافات كان مشهودا ).

3ـ والأستاذ حسن فتح الباب فقال:

( انهارت في عصر العثمانيين جميع المقومات التي تنهض عليها حياة المجتمعات السوية

ولم ينج من هذا الانهيار مجتمع واحد من مجتمعات العالم الإسلامي )

ثم فصل ذلك تفصيلا طويلا. ( كتاب الدرعية ص231 ـ 279 ).

دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب:
هي دعوة سنية سلفية، ليست حزبية، ولا قطرية، ولا قومية، ولا عرقية

بل دعوة قائمة على الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح

وأئمة الهدى رحمهم الله في العلم والإيمان والتوحيد والمنهج، في الكليات والجزئيات

امتثالا لقوله تعالى: ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )

وقوله تعالى: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )

وقد أبان عن ذلك الإمام محمد بن عبدالوهاب وعلماء الدعوة رحمهم الله في مصنفاتهم ورسائلهم وفتاويهم

وهي منشورة متداولة ، ومن ذلك:

1 ـ قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :

( فهنا قاعدة مجمع عليها

وهي أنه لايجوز لأحد بعد الرسول صلوات ربي عليه  أن يشرع شيئا من الواجبات ولا من المستحبات

بل يكون ذلك العمل بدعة وضلالة يضر ولا ينفع، والدليل ليس على النافي، بل على المثبت ).

( الدرر السنية7 / 33).

2 ـ وقال ـ أيضا ـ: (( فأنا ـ ولله الحمد ـ لم آت الذي أتيت بجهالة، وأشهد الله وملائكته إن أتاني منه

ـ يعني عبدالله بن عيسى وهو ممن رد الإمام عليهم افتراءهم عليه ـ

أو ممن دونه في هذا الأمر كلمة من الحق لأقبلنها على الرأس والعين، وأترك قول كل إمام اقتديت به

حاشا رسول الله صلوات ربي عليه ؛ فإنه لا يفارق الحق ))

( الدرر السنية 2/ 57 ).

3 ـ وقال الشيخ عبداللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله (منهاج التأسيس ص64 ):

( وقد قرر رحمه الله ـ يعني الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ـ

على شهادة أن محمدا رسول الله من بيان ما تستلزمه هذه الشهادة وتستدعيه وتقتضيه من:

تجريد المتابعة، والقيام بالحقوق النبوية:

من الحب والتوقير والنصرة والمتابعة والطاعة، وتقديم سنته على كل سنة وقول

والوقوف معها حيثما وقفت، والانتهاء حيث انتهت في أصول الدين وفروعه، باطنه وظاهره

خفيه وجليه، كليه وجزئيه، ما ظهر به فضله، وتأكد علمه ونبله… ).

4 ـ وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن ( الدرر السنية 2/ 220 ):

(( فشرح الله صدر شيخنا فضلا من الله ونعمة عظيمة من بها تعالى في آخر هذا الزمان

فعرف من الحق ما عرف شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحابه ؛ بتدبره الآيات المحكمات

وصحيحي البخاري ومسلم، والسنن والمسانيد والآثار، ومعرفة ما كان عليه رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَـ

والتابعون وأتباعهم وما عليه سلف الأمة وأئمتها، والأئمة من أهل الحديث والتفسير

والفقهاء كالأئمة الأربعة ومن أخذ عنهم ؛ فتبين له التوحيد وما ينافيه، والسنة وما يناقضها )).

5 ـ وقال الشيخ سليمان بن سحمان ( الضياء الشارق ص166 ):

(( إنما نبذ وراء ظهره كل ما خالف كتاب الله وسنة رسوله وخالف أقوال أئمة الدين المجتهدين

وهو ـ ولله الحمد ـ متبع لا مبتدع، وإنما أمانيه القيام بأوامر الله وشرعه ودينه

ودعوة الناس إلى ذلك، والجهاد على ذلك، ولم تسول له نفسه ما يخالف الكتاب والسنة

وإنما قام أشد القيام في إتباع الكتاب والسنة ورد ما خالفهما

وترك ما ألفه أعداء الله ورسوله الزنادقة من الأحاديث المكذوبة الموضوعة

وإذا لم يجد في كتاب الله وسنة رسوله شيئا اعتمد على أقوال أئمة الدين والعلماء المجتهدين

وذلك معروف في رسائله ومصنفاته ولا ينكره إلا مكابر )).

ومن أرد معرفة أصول الدعوة ومنهاجها

فعليه برسالة الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

التي وصف فيها المناظرة التي جرت بين علماء الدعوة وعلماء مكة

وانتهت بإقرار علماء مكة بموافقة الدعوة للكتاب والسنة.

الثناء على الدعوة:

للعلماء في الشرق والغرب كلمات ثناء على الإمام محمد ودعوته إلى الكتاب والسنة

كالشيخ أحمد شاكر والشيخ حامد الفقي والشيخ محمد بشير السهسواني

والشيخ الشوكاني محمد بن علي الشوكاني، والشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني

والشيخ صديق خان، والشيخ المكي بن عزوز، والشيخ محمود شكري الألوسي

والشيخ عبدالكريم بن فخر الهندي والشيخ تقي الدين الهلالي والشيخ محمد بن خليل هراس

والشيخ عبدالظاهر أبوالسمح، والشيخ أحمد بن حجر آل أبوطامي، والشيخ علي الطنطاوي

في جماعات كثيرة من أهل العلم لهم نثر ونظم في ذلك

وقد ذكر جملة منهم من ألف في حياة الشيخ وسيرته. والمؤلفات عن الشيخ كثيرة جدا

تناولت جوانب من حياته الشخصية والدعوية والعلمية، وهناك خلاصات دونها عدد من المعاصرين، فإليك بعضها:

1 ـ قال العلامة محمد بهجة الأثري (ت 1416 هـ )

( محمد بن عبد الوهاب داعية التوحيد والتجديد في العصر الحديث ص30 ) في وصف الإمام محمد :

( واتبع في مساره الفكري والعملي خطا الرسول الأعظم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطوة خطوة

وما حاد عن هذا المسار القويم قيد شعرة في شيء ما من عقيدته ومن عمله ).

2 ـ وقال الأستاذ مسعود الندوي ( ت 1373هـ ) رحمه الله

( محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه ص173 ) في معرض رده على من طعن في الإمام:

( فالرجل الذي يقوم ويقعد وينام تحت ظل ظليل من سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكأنها غطاءه وفراشه...).

3 ـ وقال الدكتور منير العجلاني ( تاريخ البلاد السعودية 1 / 240ـ 241 ):

( وعندنا أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة إلى الإسلام في أول أمره، ومطلع فجره...

وحركة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هي حركة تجديد وتطهير، تجديد وإحياء لما أهمله المسلمون

من أمور الإسلام وأوامره، وتطهير للإسلام مما أدخلوه عليه من الشركيات والبدع ).

4 ـ وقال علامة مصر الشيخ محمد رشيد رضا ( ت 1354 هـ ) رحمه الله ( مجلة المنار 27 / 176):

( وكان الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله مجددًا للإسلام في بلاد نجد

بإرجاع أهله عن الشرك والبدع التي فشت فيهم إلى التوحيد والسنة ، على طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية ).

فرية الوهابية:
الوهابية لفظ اخترعه أعداء الدعوة السلفية من أجل الترويج لافتراءاتهم عليها

بعد عجزهم عن المواجهة العلمية، وصيرورتهم إلى الإفلاس

حين انطلقت عليهم قذائق الحق تدمغ باطلهم، وتكشف شبهاتهم وتلبيسهم فلم يجدوا

ـ في زعمهم الخاطئ ـ سلاحا أمضى من تصنيف الدعوة على أنها فرقة أوطائفة كسائر الطوائف البدعية

فأطلقوا هذه العبارة من أجل التنفير، فلم تنجع إلا مع جاهل، أو إمعة، أوصاحب هوى

وأما المنصفون طلاب الحق فقد نظروا في حقيقة الدعوة ومطابقتها لما عليه السلف الصالح صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فلم تجد هذه الفرية إليهم سبيلا، بل عظموا الدعوة وأثنوا على علمائها.

1 ـ قال علامة العراق الشيخ محمود شكري الألوسي في ( غاية الأماني (1/60 ):

(( فنسبة أهل نجد ومن يتبع السنن النبوية إلى الشيخ ـ يعني محمد بن عبدالوهاب ـ وعدهم فرقة

من فرق المسلمين غير فرقة أهل السنة ظلم وعدوان وزور وبهتان )).

2 ـ وسئل الشيخ العلامة محمد بن خليل هراس (فتاوى الهراس ص63 )

هل هناك طائفة دينية تسمى الوهابية ؟

فأجاب: ( ليس هناك طائفة بهذا الاسم، وإنما هو لقب يشنع به أهل الباطل على أنصار الحق والتوحيد

بنسبتهم إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب يرحمه الله، وهو إمام كبير من أئمة الإصلاح الديني

ظهر في بلاد نجد فدعا إلى تجريد التوحيد، وإحياء مذهب بالسلف، وناصره آل سعود في دعوته

حتى قضى على جميع البدع الشركية كدعاء المقبورين والغلو في تعظيم المخلوقين

وأعاد ربوع نجد كلها إلى حظيرة التوحيد الخاص، رحمه الله وأجزل مثوبته ).

الخاتمة:
كان للدعوة آثار إيجابية في تعزيز الانتماء إلى الإسلام والسنة على الوجه الصحيح

وإيقاظ المسلمين لدراسة كتب الآثار، والعناية بالدليل وترجيح ما رجحه من أقوال أهل العلم

وليس هناك أدنى شك بأن هذه الدعوة تعد ركنا من أركان النهضة الحديثية، التي عمت في القرون المتأخرة

كما أن للدعوة أثرا في إحياء كثير من السنن التي أضحى العمل بها مهجورا، أو ضعيفا

وفي رد كثير من البدع العلمية أو العملية التي كانت سائدة في المجتمعات.

هذا وأسأل الله جل وعلا أن يغفر لإمام الدعوة وعلمائها، ويسكنهم الفردوس الأعلى

ويجزيهم خير الجزاء على جهادهم العظيم ؛ لبيان التوحيد والسنة، ورد الشرك والبدعة

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


المصدر


--------------
[1] مقدمة مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ( 1 / 3 ـ 5 )

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1398 هـ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق