الجمعة، 23 مارس 2018

الوقت الذهبي الذي حرص عليه السلف وغفلنا نحن عنه - الشيخ عبدالرزاق العباد


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني وأخواتي في الله :
استمعوا إلى
الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن العباد حفظه الله
في شرح هذه الآية الكريمة في سورة الأحزاب
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً(41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً(42)}
ذكر خير أوقات الذكر واعظمها شأن الوقت الذهبي الذي حرص الصحابة وأهل السلف لا يضيعون هذا الوقت
في ذكر الله وتسبيحه وتمجيده والثناء عليه ونحن نغفل عنه في زماننا


تفريغ محتوى المقطع
طرفا النهار أي أول وآخره ،أول النهار وآخر النهار يقال لهما طرفا النهار ، أي أول النهار وآخر النهار ،ما يبدأ به النهار وما يختم
وأول النهار: هو الوقت الذي يسبق طلوع الشمس وآخر النهار: هو الوقت الذي يسبق غروبها .
فهذان الوقتان يقال لهما طرفا النهار ،أي أول النهار وآخر النهار فالنهار له طرفان طرف في أوله وطرف في آخره ،وهذان الوقتان هما خيرا أوقات الذكر وأعظمها شأناً .
وقد جاء في الترغيب في ذكر الله سبحانه وتعالى بين الوقتين نصوص متكاثرة أورد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- طرفاً منها وشيء يسيراً منها
وإلا قد ورد في نصوص الكتاب والسنة دلائل كثيرة فيها الترغيب والحث على ذكر الله تبارك وتعالى في هذين الوقتين.
الوقت الأول هو أول النهار هو كما عرفنا من بعد صلاة الصبح إلى ما قبل طلوع الشمس .
ولو الإنسان عرض له عارض أو حصل له صارف فلم يتهيأ له الذكر في هذا الوقت فلا بأس أن يأتي بهذه الأذكار ولو بعد طلوع الشمس فالذي ينبغي عليه أن يأتي بها في وقتها
لكن لو فرض عرض له عارض أو حصل له أمر صرفه أو نحو ذلك فلا بأس أن يأتي بها بعد طلوع الشمس .
وأذكار المساء من بعد صلاة العصر إلى ما قبل غروب الشمس وهكذا أيضا لو عرض له عارض فلم يتمكن من الإتيان بها في هذا الوقت
فلا بأس أن يأتي بها بعد غروب الشمس ،قال فصل في ذكر الله تعالى طرفي النهار .
ثم أخذ رحمه الله يسوق الأدلة من كتاب الله عز وجل المشتملة على الترغيب في ذكر الله عز وجل في هذين الوقتين الفاضلين .
بدأ أولاً بقول الله سبحانه : {
يا أيُّها الذيـن آمَـنـُوا اذكُـروا اللهَ ذِكْـرًا كـَثِـيـرًا * وسَــبِّـحُـوهُ بُـكْـرَةً وأصِـيـلاً }.
هذه الآية مرت معنا في أوائل الكتاب لما فيها من الحث على ذكر الله تبارك وتعالى وأوردها مرة ثانية هنا لأن فيها التنصيص على هذين الوقتين وذلك في قوله : (وسَــبِّـحُـوهُ بُـكْـرَةً وأصِـيـلاً)
البكرة هي: أول النهار اللي هو البكور، الذي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : ( بورك لأمتي في بكورها)
فالبكور هو أول النهار وبدايته و شأن أول النهار شأن عظيم لأنه مفتاح اليوم وبداية اليوم وما يكون من الإنسان في أول نهاره ينسحب على بقية النهار
مثل ما قال بعض العلماء قال :
أول النهار شبابه ،وآخر النهار شيخوخته، ومن شب على شيء شاب عليه
يعني الذي يكون عليه الإنسان في الصباح الباكر هو الذي يكون عليه طيلة اليوم إلى نهايته ، فما يكون في أول النهار ينسحب في بقية اليوم إن نشاط فنشاط
وإن كسل فكسل، إن كان أول النهار خمولاً كسولاً فاتراً فإن هذا ينسحب على بقية يوم .
ولهذا جاء في الحديث (وإلا أصبح خبث النفس كسلاناً) هكذا يصبح شأنه
وإذا كان في أول النهار في همة وفي نشاط وفي جد واجتهاد ونصح للنفس ومحافظة على لأذكار فإن هذا ينسحب على بقية اليوم
ولهذا أحد السلف قال قديماً كلمة جميلة جداً في التنويه بأهمية أول اليوم ومكانته
قال أحد السلف: (يومك مثل جملك إن أمسكت أوله تبعك آخره)
يعني إذا أمسكت أول اليوم تبعك آخر اليوم، وإذا ضيع الإنسان أول اليوم اللي هو وقت البركة والبكور والفضيلة وحلول الأرزاق فإن يومه يضيع ،وما كان منه في بكوره ينسحب على بقية يومه
ولهذا كان متأكد على المسلم ألا يضيع أول اليوم بالخمول والكسل والفتور وما كان السلف يعرفون النوم بعد صلاة الفجر
حتى يقول ابن القيم حتى لو كانوا في سفر وطول الليل في عناء وفي شدة لا ينامون بعد الفجر ينتظرون حتى تطلع الشمس ثم ينامون
كل ذلك محافظة على هذا الوقت الفاضل اللي هو من بعد صلاة الفجر إلى ما قبل طلوع الشمس .
هذا وقت مبارك ووقت مبارك ووقت فاضل ووقت ذكر لله تعالى
وما كان السلف رحمهم الله يقضونه في نوم أو كسل أو في فتور أو نحو ذلك إنما كانوا يقضونه على الأذكار .
ذكر الله ولاسيما التسبيح ونحو ذلك من الأذكار التي وردت في الشرع.
وسيأتي معنا جملة طيبة في هذا الكتاب .
وقد جاء في صحيح مسلم عن أبي وائل شقيق بن سلمة يقول: صلينا الصبح ثم ذهبنا إلى بن مسعود-رضي الله عنه-
ذهبوا إليه في بيته لزيارته قال واستأذنا في الدخول-طلبنا الأذن في الدخول فاستأذنت لنا الجارية فأُذن لنا في الدخول أذن لنا بن مسعود في الدخول أن ندخل –
ولكننا انتظرنا قليلا-انتظروا قليلاً ثم دخلوا فلما دخلوا على بن مسعود-
رضي الله عنه
قال: مالكم تأخرتم في الدخول وقد أُذن لكم ؟.
قالوا ظننا أن أحدا من أهل البيت نائم فانتظرنا قليلا- يعني حتى يرتب لهم الطريق ظننا أن أحد نائم فانتظرنا قليلاً
قال:
رضي الله عنه :أظننتم بآل ابن أم عبد غفلة ؟
أي هل ظننتم عندنا غفلة؟ معنى ذلك أنه لاأحد ينام عندهم في هذا الوقت لا هو ولا أولاده ..! لايعرف النوم عندهم في هذا الوقت.
ثم أخذ يسبح إلى أن قال للجارية انظري أطلعت الشمس؟ فنظرت قالت: لم تطلع..
قال فأخذ يسبح ثم قال للجارية: اطلعت الشمس؟ قالت: نعم . قال : الحمدلله
انظر قال كلمة عجيبة!!
قال : الحمدلله الذي أقالنا يومنا هذا ولم يهلكنا بذنوبنا ..
انتبهوا للكلمة قال: الحمدلله الذي أقالنا يومنا هذا ولم يهلكنا بذنوبنا..
عندما قال بن مسعود–
رضي الله عنه-الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا ولم يهلكنا بذنوبنا.
هل اليوم انتهى أولازال في أوله؟
لاحظ معي..الآن مجرد ماطلعت الشمس وهو على التسبيح يسبح اللهحمد الله وهو على هذه الصيغة قال:
(الحَمْدُلله الذي أقَالَنا يَوْمَنَا هَذا ولَمْ يُهْلِكْنَا بذنُوبِنَا).
اليوم بقي أكثره مازال في أول اليوم.
لماذا قال هذه الكلمة لماذا قال بن مسعود الحمد لله الذي أقالنا يومنا..لماذا قال هذه الكلمة؟
أظن الجواب معروف لدينا أجمعين..
لأن " من حَفِظَ أول اليوم حُفِِظَ لـه اليوم كله "..
ولهذا قال أنه مجرد ما أنه حفظ أول اليوم بالذكر والتسبيح إلى أن طلعت الشمس حمد الله بهذه الصيغة
قال: الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا ولم يهلكنا بذنوبنا..
مع أن اليوم مازال بقي وقتا طويلا ..
بقي الضحى وبقي الظهر وبقي العصر بقي وقت طويل جدا مامضى من اليوم إلاجزء يسير جدا.
ومع هذا يقول : الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا ولم يهلكنا بذنوبنا
هذا نأخذ منه فائدة جليلة مهمة " أنّ من حَفِظَ أول اليوم حُفِظَ له باقيه"
من سلم له أول يومه سَلِمَ له بقية يومه..
وهذا هو سر محافظة السلف – رحمهم الله- على أول اليوم .
وعدم إضاعته.
السلف- رحمهم الله- عرفوا قيمة أول اليوم فكان لهم معه شأن..
والناس في الأوقات المتأخرة والأزمنة المتأخرة لم يعرفوا قيمة هذا الوقت فكان لهم معه شأن آخر.
ربما إن أفضل أوقات النوم عند كثير من الناس في هذا الزمان بعد الفجر ..
ولا يمكن أن يضيعه نوم بعد الفجرحتى لو كان لنصف ساعة ..
حتى لو كان عنده دوام أو عنده عمل..فما يكفي إلا أن ينام نصف ساعة ينام
مع أنه ماتفيده شيئا ترخي جسمه وتضعف بدنه جسده ولاتعطيه نشاطا ولا يترتب عليه له فائدة بل تسبب له ارتخاء وفتورا وكسلا..
ومع ذلك تجده لايفرط فيها..
مع أن الأصل أن هذا الوقت يحفظ في ذكر الله تبارك وتعالى
فالشاهد أن السلف-رحمهم الله - عرفوا قيمة هذا الوقت الفاضل وعرفوا مكانته ،عرفوا منزلته ، فكانوا يحفظونه بذكر الله تبارك وتعالى..
من هنا نقول:ينبغي علينا جميعا أن نتعلم الأذكار المشروعة المأثورة الثابتة عن رسولنا عليه الصلاة والسلام والتي يستحب لنا أن نقولها في الصباح الباكر
ونعوّد أنفسنا عليها كل يوم حتى يصبح هذا أمرا معتادا مألوفا للإنسان لا يستطيع أن ينفك عنه ولا يستطيع أن يتركه
يعوّد نفسه على ذلك ويداوم عليه فيكون بذلك من المحافظين على ذكر الله في أول النهار
وهكذا أيضا في آخر النهار وهو الوقت الذي بعد صلاة العصر إلى قبل غروب الشمس
أيضا له أذكاره المشروعة في سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ..
وسنقف على جملة منها..
أورد قول الله تعالى:{ يآأيها الذين ءآمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا *وسبحوه بكرة}[الأحزاب/41-42]
بكرة : أي أول النهار.
وأصيلاً: قال شيخ الإسلام : الأصيل مابين العصر إلى المغرب.
أي من بعد صلاة العصر إلى ماقبل الغروب.هذا الوقت يقال له الأصيل.
والله عزوجل أمرنا أن نسبح فيه {وسبحوه بكرة وأصيلا}
وتارة يشار إلى هذا الوقت بهذا اللفظ "الأصيل"..وتارة يشار إليه "قبل الغروب" .. كما سيأتي معنا في بعض الآيات.
ويشار إليه أيضا بألفاظ أخرى ربما يأتي شيء منها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق