الجمعة، 13 مارس 2020

فتوى الأوقاف بين الرفض والانصاف



فتوى الأوقاف بين الرفض والانصاف

تحديث لمقال فتوى أم هي بلوى








الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين ومن تبع سنته إلى يوم الدين، أما بعد.

كتبت اليوم بعد صلاة الجمعة مباشرة بعد أو وصلتني صورة الفتوى الخاصة بمنع الصلاة في المساجد وبعد النشر وصلتني رسائل واتصالات من محبين وناصحين لي تناصحني وتعارض مقالي وترسل لي أقوال لأهل العلم تخالف ما ذهب إليه مقالي وسأذكرها بعد أن تقرؤا ما كتبته وهو كالتالي:


في هذا اليوم المبارك الفضيل يوم الجمعة الثامن عشر من رجب عام 1441هـ الموافق الثالث عشر من مارس 2020م وصلتني الصورة التي تشاهدونها تحت عنوان المقال وهي فتوى خرجة وللأسف من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دار الإفتاء بدولة الكويت والتي مضمونها منع صلاة الجمعة والجماعة في المساجد بحجة ما يسمى فيروس كورونا وانتشاره في العالم وجمعوا لأجل ذلك الأدلة على وجوب المنع وأن يصلوا في بيوتهم!!

أولاً لست ممن يألب على الدولة وقراراتها وليس هذا منهجي ومنهاجي في حياتي.

ثانياً لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والدولة لها السمع والطاعة في غير معصية الله.

ثالثاً ما ذكر هنا هي فتوى يؤخذ منها ويرد عليها إن ثبت عدم صحتها أو جانبها الصواب (وليس هناك قرار نافذ حتى هذه اللحظة ) وإن تم تنفيذه فلا يلزمني اتباعه إلا إذا لم أجد مسجداً تقام فيه الصلوات فلا حول ولا قوة إلا بالله فأرض الله الطاهرة كلها مسجد.

رابعاً هذه الفتوى جانبها الصواب ولم يوفق من افتى بها، فما ذكر هنا من أسباب يكون لو أن هذا الفيروس او الوباء عم واستشرى وحصلت وفيات والدولة تكون موبوءة فهنا ربما الأفضل الصلاة في المنازل وفرادى كذلك؛ ولكن الواقع يحكي شيء أخر فالحمدالله الدولة متماسكة والشعب كله معافى ونسبة تفشي الوباء لم يصل حتى لـــ 1%!!  والواقع يحكي أن مراكز التسوق والمجمعات مفتوحة على مصراعيها وإن كان ولابد المنع فهذا التجمع يستحق المنع حقاً فالبشر كثر وفيهم الطاهر والنجس وفوق ذلك هو مرتع للشياطين وضعاف النفوس.

خامساً صلاة الجمعة غالب من يحضرها فهو محصن بالطهارة الظاهرية مغتسل ومتعطر ويلبس أنظف اللباس وعليه طهارة معنوية وهي طهارة النفس من الخبث والشرور ومتحصن بالله وفي رحاب الله يناجي.

سادساَ ألم يقل الله جل وعلا في وجوب حضور الجمعة (﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة: 9]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ" حسنه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه . وقال رسول الله صلى الله عليه "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ" صحيح مسلم

سابعاً أليس هذا الوقت هو وقت رجوع الخلق للخالق والتضرع له في كشف الغمة والبلاء، فأي مكان أفضل لتذكير الناس وترغيبهم وترهيبهم وحثهم على الطاعة الله واجتناب معاصيه؟ أليست هي بيوت الله (المساجد)!

ثامناً هذه الفتوى صدق قول الله فيها (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (114) سورة البقرة

تاسعاً نتمنى ونسأل الله أن يقيض من أهل الحل والأمر من ينبه دار الإفتاء على خطورة هذه الخطوة التي من شأنها يعم البلاء ويطول الشقاء لأن بهذه الفتوى نصرة لضعاف النفوس وأهل النفاق والشرور الذين يتحينون الفرص لمثل هذا البلاء وهو خلو المساجد من أهلها وخلو صلاة الجمعة من الجماعة فلا حول ولا قوة إلا بالله. انتهى هنا مقالي السابق إلا نقطة عاشراً سنذكرها بعد التعقيب على ما سلف.



هناك جملة وضعتها بين قوسين وهي (وليس هناك قرار نافذ حتى هذه اللحظة ) وهذا يثبت أنني لم أعلم أن القرار نافذ، وغالب من اعترض علي هو من هذا الباب أنني أخالف قراراً نافذاً وأعوذ بالله أن أكون كذلك، وأيضاً هناك من أرسل لي أقوال لأهل العلم تجيز ما ذهبت إليه وزارة الأوقاف في فتواها وأن الوزارة قدرة الخطورة واستبقت التحصن من الوباء وطرق انتشاره وأيضاَ ذلك تماشياً مع إجراءات الدولة الاحترازية فخرجت بهذه الفتوى.


وأنا هنا أقول استغفر الله واتوب إليه على ما أخطأت به وخطته يميني وأقول اتباعاً لمنهج السلف الذي يميل أهله حيث مال، أنني مع إجراءات الدولة التي اثبتت أنها لم تخالف الشرع وأنها استندت إلى فتوى رسمية في إجراءاتها، أقول لها سمعاً وطاعة وأنني لما عليه الفتوى اطيع واسلم اتباعاً وليس اقتناعاً وهذا لا يضير دار الإفتاء ولا ينقص من قدرها ولا يرفع من قدري فأنا مجهول الاسم والعلم ولكن وجهة نظري لو أخر قرار اغلاق المساجد او جعل أخر قرار في الدولة لكان أفضل وطبعاً وجهة نظري لها وعليها تصيب وتخطئ، وأخيراً أنني وضحت لماذا كتبت ذلك المقال في النقطة الأخيرة والله من وراء القصد.

عاشراً وختاماً كتبنا ما كتبناه إلا لوجه الله ونصرة وحرقة لدين الله وتبياناً لخطأ نراه واضح وجلي ومناقض للواقع المشاهد قال تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) [البقرة:235] والله من وراء القصد.


أخوكم في الله الشامخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق