الثلاثاء، 20 مارس 2018

لماذا يكرهون الصَّحابةَ رضوانُ الله عليهم


 


لماذا يكرهون الصَّحابةَ رضوانُ الله عليهم
الحمدُ لله ربّ العالمين ، الحمدُ لله وليّ الصَّالحين ، الحمدُ لله إله الأوَّلين والآخرين ، الحمدُ لله مِلْء السَّمواتِ ، الحمدُ لله مِلْء الأرض ، الحمدُ لله مِلْء ما بينهما ، الحمدُ لله حتى يرضى ، الحمدُ لله إذا رَضِي ، والحمدُ لله بعد الرِّضا ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على المبعوثِ رحمةً للعالمين سيِّدنا وإمامِنا وحبيبِنا وقُرَّةِ عينِنا محمَّد بنِ عبدِ الله وعلى آلهِ وصحابتهِ أجمعين .
أمَّا بعد :
فإنَّ الله تباركَ وتعالى أسبغَ علينا نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً " وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا... (18) " سورة النَّحل .
وقالَ جلَّ ذِكْرُهُ : " وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ .... (53) " سورة النحل ، وإنَّ مِنْ أعظمِ هذه النِّعَمِ التي أنعمَ الله بها علينا أنْ بعثَ إلينا خيرَ رُسُلِهِ ، وأنزلَ عليه أحسنَ كُتُبِهِ ، وشَرَعَ له أكملَ شرائعهِ ، واختارَ له خيرَ أناسٍ صَحِبُوا الأنبياءَ .
فكانَ أصحابُ موسى صلواتُ الله وسلامُه عليه يقولون له : " ... فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) " سورة المائدة .
وأصحابُ عيسى صلواتُ الله وسلامُه عليه قالوا له : " هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ... (121) " سورة المائدة .
*- وأصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم قالوا له : " لو خُضْتَ فينا هذا البحرَ لخضناهُ معك " .
*- أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم الذين قالَ الله تباركَ وتعالى فيهم : " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) " سورة النِّساء .
*- أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم هم الذين قالَ الله تعالى فيهم : " مُحَمَّدٌرَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِرُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاًمِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً ...(29)" سورة الفتح .
*- أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم هم الذين قالَ الله فيهم : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18) " سورة الفتح .
*- أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم هم الذين قالَ الله فيهم : " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) " سورة الحشر .
*- أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم هم الذين قالَ الله تباركَ وتعالى فيهم : " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ....(100) " سورة التَّوبة .
*- أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم هم الذين قالَ فيهم النَّبيُّ صلواتُ الله وسلامُه عليه : " خيرُ النَّاسِ قَرْنِي " ، هم خيرُ النَّاسِ بعد الأنبياءِ صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين .
*-أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم هم الذين قالَ فيهم صلواتُ الله وسلامُه عليه : " النُّجومُ أمَنةٌ للسَّماءِ ، فإذا ذهبتِ النُّجومُ أتى السَّماءَ ما تُوعدُ ، وأنا أمَنةٌ لأصحابي ، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يُوعدون ، وأصحابي أمَنةٌ لأمَّتي ، فإذا ذهبَ أصحابي أتى أمَّتي ما تُوعدُ " .
*- أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم هم الذين قالَ فيهم صلواتُ الله وسلامُه عليه : " لو أنفقَ أحدُكم مِثْلَ أحُدٍ ذهباً ما بلغَ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه " ، أحُدٌ جبلٌ عظيمٌ ، يقولُ النَّبيُّ صلواتُ الله وسلامُه عليه : لو أنفقَ الإنسانُ ذهباً بمقدارِ جبلِ أحُدٍ لنْ يبلغَ مُدّاً - وهو ما يملأ الكفَّينِ - قدَّمه واحدٌ مِنْ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ..
هؤلاء القوم .. هؤلاء الجبال الذين أيَّد الله تباركَ وتعالى بهم الرَّسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم .. نصروا الله ونصروا رسولَه " وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " .. نشروا الدِّينَ .. جاهدوا في سبيلِ الله .. تركوا الأهلين .. تركوا الأولادَ .. تركوا الدِّيارَ .. بذلوا الأموالَ .. بذلوا الأنفسَ .. جعلوا أنفسَهم على أكفِّهم .. قدَّموها لله تباركَ وتعالى .. يريدون رضا الله .. يريدون الجنَّة و بشراهم الجنة ، أصحابُ النَّبيِّ صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه قومٌ صَحِبُوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأحسنوا الصُّحْبَةَ .. أحبَّهم وأحبُّوه .. وجعلهم خلفاءَ بعدَه .. يبلِّغون النَّاسَ دينَ الله تباركَ وتعالى ؛ كما قالَ الله جلَّ وعلا لرسولهِ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم : "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) " سورة يوسف
وجدَ ناسٌ مِنَ النَّاسِ .. وجدوا أنَّ الله تباركَ وتعالى قد مدحَ هؤلاء القوم مَدْحاً عظيماً ، وأثنى عليهم ثناءً عَطِراً ؛ وجعلَه الله سبحانه وتعالى في كتابٍ يُقرأ .. تعهَّد سبحانه و تعالى بحِفْظِهِ ، فانتشرتْ أخبارُهم وفضائلُهم وجهادُهم ودعوتهم بين النَّاسِ ، فأحبَّهمُ النَّاسُ وتقرَّبوا إلى الله بحبِّهم ، ثم جاءَ ناسٌ مِنَ النَّاسِ حقدوا على هذه الأمَّةِ .. حسدوها على ما أنعمَ الله عليها مِنَ الكتابِ العظيمِ .. حسدوا هذه الأمَّةَ على ما أنعمَ الله عليها مِنْ هذه السُّنةِ الطَّيِّبةِ المشرَّفةِ .. حسدوا الأمَّةَ على هذا الدِّينِ القويمِ فماذا يصنعون ؟
صنعوا كما صنعَ عبدُ الله بنُ أبيّ بنِ سَلُول لما كانتْ معركةُ بدرٍ الفاصلة .. لما كانَ يومُ الفرقان .. جمعَ أصحابَه ثم قالَ : إني أرى أمراً قد توجَّه ( يعني أمرَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ) فأرى أنْ ندخلَ فيه .
فدخلَ في هذا الدِّينِ لهدمهِ مِنَ الدَّاخلِ ، وهكذا صنعَ أولئك جاؤوا لهذا الدِّينِ .. ليطعنوه مِنَ الدَّاخلِ .. ليهدموه مِنَ الدَّاخلِ عن طريقِ مَنْ ؟؟؟
عن طريقِ الطَّعنِ في نقَلَةِ هذا الدِّينِ .
لله دَرُّ أبي زُرْعَة الرَّازيّ .. الإمام .. الحَبْر .. البَحْر.. إمام الجَرْحِ والتَّعديل في زمنهِ .. يحذِّر هذه الأمَّة مما يُرَادُ بها .. يحذِّر هذه الأمَّة مِنْ أنَّ دينَهم مقصودٌ ..
فيقولُ لها :إذارأيت الرَّجلَ يَنْتَقِصُ أحدًا منْ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم؛ فاعْلَمْ أنَّه زِنْدِيقٌ، وذلك أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلَّم عندنا حقٌّ، والقرآنُ حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسُّنَنَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، وإنَّما يريدون أن يُجَرِّحُوا شهودَنا لِيُبْطِلُوا الكتابَ والسُّنَّةَ، والجَرحُ بهم أَوْلَى وهم زَنادِقَة.
هكذا تنبَّه هذا الإمامُ إلى ما يُرَادُ مِنْ وراءِ الطَّعنِ بأصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .
اعلموا عِلْمَ اليقينِ أنهم لا يريدون الصَّحابةَ .. نعم لا يريدون الصَّحابةَ بطعنِهم كأشخاصٍ ، وإنما يريدون الدِّينَ الذي نقلَه الصَّحابةُ ، وذلك أنهم إذا طعنوا في نَقَلَةِ الدِّينِ أمكنَهمُ الطَّعنُ في الدِّينِ .. إذا طعنوا في حملَتهِ فقالوا : كفَّار .. زنادقة .. منافقون .. فما قيمةُ ما نقلَه منافقٌ أو كافرٌ أو زنديقٌ ؟؟!!
لا قيمةَ لما نقلَه زنديقٌ .. لا قيمةَ لما نقلَه منافقٌ أو كافرٌ ..
ألسنا نشترطُ في نقلِ الكتابِ .. في نقلِ السُّنةِ .. أنْ يكونَ النَّاقلُ عدلاً ؟
ألسنا نشترطُ أنْ يكونَ مسلماً ؟؟؟
فإذا طعنوا في النَّقلَةِ طعنوا في المنقولِ .. هدموا المنقولَ .. رُدَّ الكتابُ .. رُدَّتِ السُّنةُ .. إنَّ الطَّعنَ في الصَّحابةِ وسيلةٌ وليسَ بغايةٍ ، والغايةُ الطَّعنُ في الدِّينِ ، والطَّعنُ في الصَّحابةِ وسيلةٌ للطَّعنِ في الدِّينِ ، ولذلك كلُّكم يعلمُ أنَّ هؤلاء القوم الطَّاعنينَ في أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم لا يريدون الصَّحابةَ
لماذا ؟
لأنَّ الأمرَ لو كانَ غَيْرَةً على الدِّينِ لسمعناهم يسبُّون فرعون .. لسمعناهم يسبُّون أبا جهلٍ فرعون هذه الأمَّة .. لسمعناهم يسبُّون أبا لهبٍ الذي نصَّ الله تباركَ وتعالى على أنه في النَّارِ .. لسمعناهم طعنوا في قارون .. في هامان .. في السَّامريِّ .. في النّمرودِ .. في عقبةَ بنِ أبي مُعَيْط .. في أميَّةَ بنِ خَلَف .. في أبيّ بنِ خَلَف .. ما سمعناهم يطعنون في أحدٍ مِنْ هؤلاء !!!
إنهم يريدون أصحابَ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم حتى يتوصَّلوا للدِّينِ الذي نقلوه ..
ماذا عندنا ؟؟؟
عندنا الكتابُ والسُّنةُ الذي يحسدُنا عليهما القاصي والدَّاني .. يحسدونكم على الكتابِ والسُّنةِ .. لا كتابَ عندهم !! لا سنَّةَ عندهم !!
ولذلك كيف يطعنون في الكتابِ ؟؟!!
مَنْ نقَلَةُ الكتابِ الكريمِ لنا ؟؟؟
إنَّ نقَلَةَ الكتابِ عشرةٌ مِنَ الصَّحابةِ ( عمر ، وعثمان ، وعليّ ، وأبيّ بن كعب ، وابن مسعود ، وأبو موسى الأشعريّ ، وأبو الدَّرداء ، وأبو هريرة ، وابن عبَّاس ، وعاشرهم زيد ) عشرةٌ مِنَ الصَّحابةِ .. هؤلاء نقَلَةُ الكتابِ العظيمِ .. هؤلاء رواةُ القرآنِ .. القرآنُ الكريمُ يرجعُ إلى هؤلاء في روايتِنا له .. في قراءتِنا له .. يرجعُ إلى هؤلاء .. هؤلاء عندهم زنادقةٌ إلا عليّاً رضيَ الله عنه .
هم يريدون الطَّعنَ في نقْلِهم .. يريدون الطَّعنَ في الكتابِ ..
مَنْ نقَلَةُ السُّنةِ ؟؟
يريدون نقَلَةَ السُّنةِ .. يريدون إبطالَ السُّنةِ .. سنَّةُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم تدورُ على سبعةٍ مِنَ الصَّحابةِ هم نقَلَةُ السُّنةِ وهم عندهم زنادقةٌ ( أبو هريرة ، عائشة ، عبد الله بن عمر ، أنس بن مالك ، أبو سعيد الخُدْرِيّ ، ابن عبَّاس ، جابر بن عبد الله ) ، هؤلاء السَّبعة هم الذين تجاوزوا الألفَ في روايتِهم عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
روى هؤلاء السَّبعةُ ما بين سبعين إلى ستِّين بالمئةِ مِنْ سنَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
ثم يأتي بعدهم مباشرةً ( عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن مسعود ) وهمُ الذين تجاوزوا الثمان مئة مِنَ الأحاديث .
ثم يأتي بعد ذلك ( عمر بن الخطاب ، وعليّ بن أبي طالب ) وهما تجاوزا الخمس مئة .
ثم يأتي بعد ذلك ( أبو موسى الأشعريّ ، والبراء بن عازب ) وهما مَنْ تجاوزَ الثلاث مئة معهما( أمّ سلمة أمّ المؤمنين )
هؤلاء نقَلَةُ السُّنةِ .. هؤلاء بمجموعِهم نقلوا ثمانين بالمئةِ مِنْ سنَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
فإذا طعنوا في هؤلاء طعنوا في سنَّةِ نبيِّكم صلَّى الله عليه وسلَّم .. أبطلوا السُّنةَ .. إذا صارَ نقَلَةُ السُّنةِ زنادقةً .. إذا صارَ نقَلَةُ القرآنِ زنادقةً ، فأيُّ قرآنٍ بعد ذلك نعتمدُ ؟؟!!
فليذهبوا عنَّا بعيداً .. فليأتوا بقرآنٍ جديدٍ ينقلُه الثِّقاتُ عندهم .. فليأتوا بسنَّةٍ جديدةٍ ينقلُها الثِّقاتُ عندهم .. وليتركوا لنا قرآننا .. وليتركوا لنا سنَّتَنا .
ولذلك عندما نتكلَّم عن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وندافعُ عن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا نريدُ فقط الدِّفاعَ عن أشخاصِهم ، وإنْ كانَ هذا واجباً علينا ، وإنما نريدُ الدِّينَ .. نعم نريدُ الدِّينَ الذي نقَلَهُ هؤلاء الصَّحابةُ الكرامُ .. هذا الذي نريدُه في دفاعِنا عن أصحابِ رسولِ الله صلواتُ الله وسلامُه عليه .
ولذلك ذهبَ كثيرٌ منهم إلى القولِ بتحريفِ القرآنِ الكريمِ
لماذا ؟
لأنَّ نقَلَةَ القرآنِ الكريمِ هم الذين يقولون عنهم إنهم كفَّار ، ولذلك صرَّح بعضُهم بقولهِ : " لا يمكنُ الاعتمادُ على القرآنِ الذي ينقلُه أمثالُ هؤلاء " .
نعم لا يريدون الأشخاصَ وإنما يريدون الدِّينَ الذي نقَلَهُ الأشخاصُ ، ولذلك نعلمُ عِلْمَ اليقينِ أنَّ الطَّعنَ في أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو
- أوَّلاً : طعنٌ في القرآنِ الذي نقلوه ، و رَدٌّ له .
- ثانياً: هو طعنٌ في سنَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، و رَدٌّ لها .
- ثالثاً: تكذيبُ القرآنِ الكريمِ الذي ما فتئَ يمدحُهم ويُثني عليهم ويذكرُ فضائلَهم ومكانتَهم .
بالله عليكم : " مُحَمَّدٌرَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِرُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاًمِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً ...(29)" سورة الفتح ، مَنْ هم هؤلاء ؟
مَنْ هم الذين قالَ الله فيهم : " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (8)" سورة الحشر ، مَنْ هؤلاء ؟؟
مَنِ الذين قالَ الله تباركَ وتعالى فيهم : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ (18) " سورة الفتح ؟؟
مَنْ هؤلاء الذين قالَ الله فيهم : " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ... (100) " سورة التَّوبة .
مَنْ هؤلاء ؟
القرآنُ يمدحُهم .. القرآنُ يُثني عليهم .. الله يحبُّهم سبحانه وتعالى .
وانظرْ إلى قولهِ جلَّ وعلا : " تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً " أي هذا هو دَيْدَنهم .. هذه عادتهم .. ما تراهم إلا كذلك " رُكَّعاً سُجَّداً " هذا ظاهرُ أمرِهم ، أمَّا باطنُهم فالله تباركَ وتعالى يقولُ : "يَبْتَغُونَ فَضْلاًمِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً " ، زكَّى ظاهرَهم و زكَّى باطنَهم ،
وحكمَ بالرِّضا عنهم فقالَ : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ " مِنَ الإيمانِ .. مِنَ التَّقوى .. مِنَ اليقين .. مِنَ المحبَّةِ لله .. مِنَ المحبَّةِ للرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم " فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً " .
بينما ذكرَ الله المنافقين فقالَ : " ....وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى...(142) "سورة النِّساء ، أ يُشْبِهُ حالُ هؤلاء حالَ مَنْ يقولُ الله تباركَ وتعالى فيهم " تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً " ؟؟؟؟!!
- إنَّ الطَّاعنَ في أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مكذِّبٌ و رادٌّ للقرآنِ الذي مدحَهم وأثنى عليهم .
- وكذلك مكذِّبٌ للأحاديثِ الكثيرةِ الواردةِ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الثَّناءِ عليهم ومَدْحِهم وتمجيدِهم زرافات ووحدانا .. مدحَهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم .. مدحَ أهلَ بدرٍ جملةً .. مدحَ المهاجرين جملةً .. مدحَ العَشَرَةَ ، مدحَ الواحدَ تِلْوَ الواحدِ ، فالطَّاعنُ فيهم مكذِّبٌ للرَّسولِ صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم ... مكذِّبٌ للسُّنةِ التي نقلتْ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في مدحِهم والثَّناءِ عليهم .
- كذلك الطَّاعنُ فيهم مكذِّبٌ لهذا التَّاريخِ العظيمِ الذي تفرحُ به هذه الأمَّةُ وتفخرُ وترفعُ رأسَها .. جهاد ونشر للإسلام .. جعلوا مَلِكَ الصِّينِ يدفع الجِزْيةَ !!!
والطَّاعنون فيهم ما حملوا سيفاً يوماً ما .. ما حملوا سيفاً في سبيلِ الله أبداً .. ما جاهدوا سبيلِ الله يوماً .
ولذلك مَنْ طعنَ فيهم مكذِّبٌ لهذا التَّاريخِ العظيمِ الذي سطَّروه بدمائِهم .. بجهادِهم .. بأموالهم .. كتبوا ذلك التَّاريخَ العظيمَ .
- الطَّاعنُ فيهم .. في أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم طاعنٌ في ذاتِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، إذْ يزعمُ هذا الطَّاعنُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع جماعةٍ قليلةٍ ( وهم الصَّحابةُ ) مع مُدَّةٍ طويلةٍ ( ثلاث وعشرين سنة ) لم يستطعْ أنْ يكوِّنَ مجموعةً صالحةً مِنَ النَّاسِ !!!!
أهكذا هو الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟؟؟!!
أهكذا يزعمون فيه صلواتُ الله وسلامُه عليه ؟؟؟!!
إذا كانَ الرَّسولُ - وهو مَنْ هو - صلواتُ الله وسلامُه عليه مع الصَّحابةِ - وهم مَنْ هم - لم يستطيعْ أنْ يهديَهم ويُصْلِحَ حالَهم ويربِّيهم فمَنْ يستطيعُ بعد ذلك مع غيرِهم ؟؟؟!!!
مَنْ غيرُ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم يستطيعُ ذلك ؟؟!!
ولذلك لقائلٍ أنْ يقولَ هذا دينٌ نظريٌّ .. لا يمكنُ أنْ يُطبَّقَ على أرضِ الواقعِ ..
لماذا ؟؟
يقولُ لأنكم تزعمون أنه لم يطبَّقْ أبداً هذا الدِّينُ ولم يُنصَرْ أبداً ، إذْ تزعمون أنَّ أولئك الذين ربَّاهم ثلاثاً وعشرين سنةً لمجرَّد أنْ ماتَ ارتدُّوا جميعاً إلا مجموعة قليلة تعَّدُ على أصابعِ اليدِ الواحدةِ !!!!
هل يمكنُ أنْ يكونَ هذا ؟؟؟!!
إننا لا نقبلُ هذا أبداً .
ولذلك نردٌّ قولَهم في وجوهِهم ونقولُ لهم :
كناطحٍ صخرةً يوماً ليُوْهِنَها *** فما ضرَّها و أوهنَ قرنَه الوعلُ
ونقولُ لهم :
يا ناطحاً شُمَّ الجبالِ برأسهِ *** أشفقْ على الرَّأسِ لا تشفقْ على الجبلِ
نعم أشفقْ على الرَّأسِ .. أشفقْ على نفسِك يا مسكينُ .. لا تشفقْ على الجبلِ ، الجبلُ جبلٌ .. الجبلُ قائمٌ بفضلِ الله تباركَ وتعالى .
سطَّروا تاريخاً لا تمحوه الأيَّامُ ولا اللَّيالي مهما صنعَ المبطِلون ..
هؤلاء الصَّحابة .. نقولُها نحن مِنْ هذا المكانِ ...
نقولُها جميعاً :
إنَّ الرِّجالَ الطَّاعنينَ في الصَّحابةِ *** مِثْلُ الكلابِ تطوفُ باللُّحْمَانِ
إنْ لم تصنْ تلك اللُّحومَ أسودُها *** أكِلَتْ بلا عوضٍ ولا أثمانِ
نعم والله إنَّ لحومَ الصَّحابةِ رضيَ الله عنهم وأرضاهم إنْ لم نحافظْ عليها .. إنْ لم ندفعْ عنها .. والله الذي لا إلهَ إلا هو لتُؤْكَلَنَّ بلا عِوَضٍ ولا أثمان .
لا بدَّ أنْ يعرفَ أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ خلفَهم رجالاً يدفعون عنهم حبّاً فيهم ودفعاً عن هذا الدِّينِ ما يسوءه .
نعم والله إنَّ الطَّاعنين في أصحابِ رسولِ الله صلواتُ الله وسلامُه عليه لا بدَّ أنْ نعلمَ أنهم أقزامٌ مهما بلغوا مِنَ الطُّولِ فهم أقزامٌ ، وما ضَرَّ السَّحابَ نبحُ الكلابِ ، والله إنهم سحابٌ والطَّاعنون فيهم كلابٌ ، ولا يضرُّ السَّحابَ نبحُ الكلابِ أبداً .
إنَّ أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .. دعونا ننظرْ في تاريخِهم ماذا صنعوا ؟؟؟
لماذا يُطْعَنُ فيهم ؟؟؟
بالله عليكم .. نجدُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أوَّل ما دعا إلى الله تباركَ تعالى كانَ وحيداً فريداً .. وقفوا معه .. تركوا بلادَهم .. هاجروا إلى الحبشة .. تحمَّلوا الأذى .. قُتِلَ منهم مَنْ قُتِلَ ..عُذِّبَ منهم مَنْ عُذِّبَ .. ثم هاجروا بعد ذلك إلى المدينةِ واجتمعَ عليهم شياطينُ الإنسِ والجِنِّ ، ورمتهمُ العربُ كلُّها مِنْ قوسٍ واحدةٍ ، ومع هذا صبروا !!
مِنْ أجلِ ماذا ؟؟؟
مِنْ أجلِ دنيا ؟؟!!
لم تكنِ الدُّنيا عنده صلواتُ الله وسلامُه عليه ، ولا وعدَهم الدُّنيا ، ولا نالوا شيئاً مِنَ الدُّنيا ..
ماتَ مصعبُ بنُ عمير رضيَ الله عنه وأرضاهُ ، إذا غطَّوا رأسَه بدتْ رجلاه ، وإذا غطَّوا رجليه بدا رأسُه ..
ماذا أخذوا مِنَ الدُّنيا ؟؟
هم باعوا الدُّنيا ؟؟؟
همُ اشتَرَوُا الآخرةَ "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ... (٢٠٧)"سورة البقرة .
هؤلاء أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم .. إي والله باعوا الدُّنيا و اشتَرَوُا الآخرةَ .. اشتَرَوْا ما عند الله تباركَ وتعالى
" لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ...(10) " سورة الحديد .
الله يَعِدُهُمُ الحسنى ، وهم يَعِدُونهم نارَ الجحيمِ !!!
نصدِّق مَنْ ؟؟
ألا نصدِّق الله تباركَ وتعالى ونكذِّب هؤلاء الأقزام ؟؟
الله يقولُ : " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ "
نصدِّق مَنْ ؟؟
إنَّ هؤلاء الأصحاب إذا قالوا إنهم ارتدُّوا !! مقابل ماذا ؟؟؟
أخذوا الخلافةَ !! مقابل ماذا ؟؟؟
مَنْ دفعَ المالَ ؟؟؟
مَنْ أخذَ المالَ ؟؟؟
مَنْ دفعَ الجاهَ ؟؟؟
مَنْ أخذَ الجاهَ ؟؟؟
بماذا خرجوا مِنَ الدُّنيا حتى يقالَ إنهم أرادوا الدُّنيا ؟؟؟
يجبُ علينا أنْ نعرفَ سِيَرَهم .. أنْ نعرفَ هَدْيَهم .. أنْ نعرفَ جهادَهم .. أنْ نعرفَ لهم حقَّهم رضيَ الله عنهم وأرضاهم .
ولذلك نقولُها مِلْءَ الفمِ :إنَّ أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم هم خيرُ البشرِ بعد الأنبياءِ صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين .. نقولُها في أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم
إني رضيتُ أبا حفصٍ وشِيعته
نعم رضيتُ أبا حفصٍ ؛ ألا وهو عُمَر
إني أحبُّ أبا حفصٍ وشيعتَه *** كما أحبُّ عتيقاً صاحبَ الغارِ وقد رضيتُ عليّاً قدوةً عَلَماً *** وما رضيتُ بقتلِ الشَّيخِ في الدَّارِ
كلُّ الصَّحابةِ ساداتي ومعتقدي *** فهل عليَّ بهذا القولِ مِنْ عارِ
لا والله مَنْ قالَ هذا الكلامَ ليسَ عليه في هذا القولِ مِنْ عارٍ ، بل يرفعُ رأسَه بهذا الكلامِ ، وعلى مَنْ خالفَه أنْ يُطأطئَ رأسَه في التُّرابِ .. فهذه عقيدتُنا في أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .. ندفعُ عنهم ، ونحبُّهم ، ونحذرُ مِنْ كلِّ طاعنٍ فيهم ..
ونذكِّر دائماً بكلمةِ الإمام أبي زُرْعَة : " إذارأيت الرَّجلَ يَنْتَقِصُ أحدًا منْ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم؛ فاعْلَمْ أنَّه زِنْدِيقٌ، وذلك أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلَّم عندنا حقٌّ، والقرآنُ حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسُّنَنَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، وإنَّما يريدون أن يُجَرِّحُوا شهودَنا لِيُبْطِلُوا الكتابَ والسُّنَّةَ ، والجَرحُ بهم أَوْلَى وهم زَنادِقَة" .
والله أعلم ..
وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على نبيِّنا محمَّد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق