الجمعة، 23 فبراير 2018

تركيا وأردوغان بين السلفية والأخوان

تركيا وأردوغان بين السلفية والأخوان


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وسار على منهجه 
واتبع سنته واقتدى بهديه ولأثره اقتفاه، أما بعد.
لا أعرف من أين أبدأ صدقاً، فالأفكار تتزاحم ولدي نقاط تتراكم، ولكني سأبدأ من حيث طفح الكيل وبلغ السيل الزبى!!
أحداث تركيا والتي لا زالت حديث الساعة، محاولة الانقلاب وفشل الانقلاب وتداعيات الأحداث بعد ذلك بين مؤيد ومعارض

كل ذلك يهون فهو من الناحية السياسية أمر متوقع وطبيعي
ولكن الغير طبيعي التعاطي مع ما حدث بأن يكون فاكهة المجالس والقروبات بشكل عاطفي لا عقلي ولا شرعي
بل زاد الأمر بالتمجيد والتخوين والكذب والتزكية والهمز واللمز والتصريح والتقبيح والتناقض حتى وصلنا لمرحلة الغثيان بسبب ذلك
ومن العنوان يتضح المقال:
عندما وقعت الأحداث يشهد الله أننا قلنا اللهم سلم سلم، فنحن يامن نتبع أثر النبي صلوات ربي عليه لدينا قاعدة نبوية

أن الخروج كله لا يجوز سواء كان الحاكم مسلم أم غير مسلم إلا بشروطه الذي بينها الشرع "
والمظاهرات سواء كانت سلمية أو انقلابية لا تجوز ومن يريد الدليل يرجع لأقوال العلماء الفطاحل الربانيين
كالعلامة الفوزان وآل الشيخ والعباد واللحيدان وغيرهم من أهل العلم والفضل حفظهم اللهأو بن باز والعثيمين والألباني وبن تيمية وبن حنبل والمجدد وغيرهم ممن شهد لهم بحسن السيرة والسريرة والثبات على الحق رحمهم اللهوعندما أقول "أننا قلنا اللهم سلم سلمفإني أعني به السلفيون ممن ينتهج المنهج السلفي ونحن بذلك لم نلتفت لأردوغان وحكمه مع علمنا بعلمانيته وإخوانيته بل إلتفنا إلى حال المسلمين في تركيا وحقن دمائهم؛ ولكن ماذا حصل بعد فشل الانقلاب ولله الحمد
فرح المسلمون العقلاء بأن حقن الله دماء المسلمين وسلمهم من كارثة أهلية
ولكن هناك فئة فرحة فرحاً غامراً ليس للسبب السالف ذكره، بل لأن اردوغان لم يسقط وتبع ذلك طوام كثيرة وهي:
_ تمجيد اردوغان لدرجة سمي بخليفة المسلمين!! ومثال ذلك التالي وإن كانت قديمة التغريدة ولكنها تكررت على ألسن البعض



_إظهار أردوغان بأنه الولد البار وقد خرج لنا داعية ليس تركي بل خليجي يذكر ذلك في مقطع فيديو يقول: 
(انه اعتاد كل يوم اردوغان أن يقبل قدم أمه وعندما أصبح رئيس الدولة طلبت منه أمه عدم تقبيل قدمها لأنه رئيس دولة

وقال لها وهل حرمت الجنة على الرؤساء)
المصيبة ليس بأن اردوغان بار بأمه فهذا شأنه مع الله وأمر ليس فيه منه فهي سبب من أسباب دخول الجنة 
ولكن المصيبة أن أم أردوغان متوفية قبل أن يصبح أردوغان رئيس دولة فهي متوفاة سنة 2011م!!
الكذب على السلفيون بأنهم حزنوا لفشل الانقلاب وبالطبع لا يوجد دليل فقط يعملون بقاعدة أكذب أكذب حتى يصدقك الناس!!
المقارنات التي تنم على هوى وحقد وجهل بين اردوغان وحكام المسلمين 
التخوين لبعض حكام المسلمين بأنه وراء الانقلاب وهذا ليس له دليل وهذا نموذج من ذلك!!



_ التأييد العجيب والمتناقض لعمليات الاعتقال والفصل والعزل وكيفيتها والتعامل مع المتهمين التي حصلت في تركيا!!؟
إذ أن الإخوان والخوارج على حد سواء ايدوا هذه الاعتقالات مع أن بها انتهاكات واضحة للإنسانية

والتخبط في الاعتقال حيث وصل العدد لما يفوق 40 ألف خلال ثلاثة أيام!!


"ونحن نقول هذا شأن الدولة ترى الأصلح ولها نظرة بغض النظر صائبة أم مخطئة في نظرنا ونحن لسنا مع أو ضد ونسأل الله أن يهديهم ويدلهم على الحق "
أما العجب من جماعة الإخوان أنهم أيدوا اردوغان بذلك وعارضوا بشده وتشكيك وتخوين للمملكة العربية السعودية مع من فجر وقتل وهيج وكفر
فأطلقوا صيحات الاستغاثة لمنظمة حقوق الانسان وهتفوا بعبارات وحملات ((فكوا العاني)) وشبهوا المملكة بالدولة البوليسية القمعية!!



نقطه أخرى: من الذي فرح بعملية الانقلاب؟
كذب الإخوان وقالوا إن السلفيون والذين يلمزونهم بالجاميه والمدخلية فرحوا بعملية الانقلاب وأنهم والرافضة اتفقوا في ذلك!!
وهذا كما ذكرنا كذب فليأتوا ببرهان على ذلك من علماء أو دعاة سلفيون وليسوا عوام إن كانوا صادقين.
أما الرافضة ومن لديه خلط والجاهل هم من فرحوا بهذا وحزنوا لفشل الانقلاب فالعداوة هي عداوة إقليمية تاريخية في الغالب

أما المسلم العاقل فلا يفرح بخراب الديار واستباحة الدماء وضياع الأمن.
الخلاصة:
الإخوان المسلمين ليسوا مع تركيا بل فقط مع أردوغان ولأجل أردوغان
حتى أن الأتراك أنفسهم عندما خرجوا لم يذكروا أردوغان بل ذكروا بلدهم وأمنه
بعكس أخوان الخليج العربي وبعض العوام بشكل خاص وإخوان العالم العربي وبعض عوامهم بشكل عام
الذين ذكروا أردوغان أكثر من ذكر أهل تركيا!!
وأردوغان محسوب على الإخوان ويعد رمز مع أنه ليس إخواني صرف فهو من مدرسة صوفية وحركة علمانية بعباءة إخوانية








لهذا تجدون المحاباة والتنزيه والتلميع حتى جعلوه في مراتب لا تليق إلا بصحابي أو المهدي المنتظر!!



ولكن لو نظرنا لحال الرجل لما وجدنا ما يميزه عن حكام المسلمين بشيء بل هناك من الحكام من هو أفضل منه بعشرات المرات.
فأردوغان لا يحكم بالشرع وبلده بلد علماني صرف صوفي المعتقد وغيره بلاده إسلامية تحكم بالشرع ومعتقدها سني صرف وسلفي.
_أردوغان قام بالتطبيع مع إسرائيل والتبادل التجاري والعسكري وغيره من البلاد والحكام لم يفعل ذلك وما زال رافض التطبيع ومنع السفر لإسرائيل.
_أردوغان سمح للمثيلين ولديه شاطئ للعراة وغيره من الحكام يمنع ويجرم ذلك.
_أردوغان تباع لديه الخمور وتصنع واوكار للرذيلة وصالات قمار وغيره من الحكام يمنع ويجرم ذلك.
_أردوغان بلده نملك قمر صناعي بقنوات إباحية ولم نمنع ذلك وغيره نملك أقمار وليس فيها قناة إباحية واحده.
_وغير ذلك مما يندى له الجبين.
نقطة أخرى: طامة كادت تحدث لولا حفظ الله وستره
_أردوغان طلب من الشعب الخروج لمجابهة الجيش وهذا أغبى قرار وينم على حب الذات والتسرع
فالشعب ليس عقل رجل واحد بل عقول مختلفة فيها الطائش والعاقل والمريض والخبيث ويكثر فيها الرعاع

فلو لا سمح الله حصل بينها وبين الجيش مناوشات لأصبحت مقتله لا يعلم حصيلة خسارتها إلا الله
فالسؤال حين إذ لأردوغان ما الذي فعلته والدماء التي سالت في رقبة من؟!
ولكن الله سلم وحفظ البلاد والعباد من كارثة كادت تغير مجرى تاريخ تركيا وتجعلها سوريا أو عراق ثانية
كلمة أخيرة:
نرجو أننا بينا شيئاً مما ألتبس على الناس ولبس عليهم من قبل الإخوان حيث إنهم حالياً في سكرة فرحهم
بعد الصاعقة التي وقعت على رؤوسهم عند تطبيع أردوغان مع بني صهيون التي لم تجدي معها كثرت الترقيع
لدرجة أنهم لم يتوقفوا عن التغريد والمراسلة والتصاميم (فيديو وصور) والتبريكات ورفع صور أردوغان 
وقاموا بصب جام حقدهم على رئيس مصر الحالي وعمل المقارنات بينه وبين أردوغان وكأنهم يقارنون بين الكفر والإيمان
وجعلوا منه محارب لدين وأهله وروجوا صوراً لمناورة عسكرية داخل ميدان وخلفها مجسم مسجد بانه رسالة واضحة لحربه على الدين!!


ولست هنا أدافع عن السيسي فهو حاكم له وعليه ولكني أوجه تساؤل هل يعقل أن ما ذكر في الصورة صحيح؟!
الجنود مسلمون والبلد مسلم سني في الغالب والشعب من أكثر وأشد الشعوب محبة للإسلام
فهل يعقل أن يكون هذا هو ترجمة ما في الصورة؟!
الجواب لمن لديه عقل ويحمل الأمر على حسن الظن، أن ما في الصورة لا يقصد به مجسم المسجد
بل المجسمات التي تسبق المسجد التي على شكل عمائر سكنية.
فالإخوان متناقضون في المشاعرومتناقضون في الولاء والبراءومتناقضون في العقل والنقل
والإخوان متناقضون حتى في أنفسهم ليس لهم ركيزة يرتكزون إليها فهم أصحاب هوى.
وهذه مقارنة بسيطة:
الخروج على حسني مبارك جائز بلي الأحاديث عند الإخوان وعند السلفيون لا يجوز شرعاً.
الخروج على مرسي لا يجوز شرعاً عند الإخوان وعند السلفيون لا يجوز شرعاً.
الخروج على السيسي عند الإخوان يجوز ولو بالقتل والتفجير وعند السلفيون لا يجوز شرعاً.
الخروج على أردوغان لا يجوز شرعاً عند الإخوان وعند السلفيون لا يجوز شرعاً.
فبالله عليكم من هو صاحب الهوى وللعلم كل الحكام الذين ذكروا لم يثبت كفر أي أحد منهم مما يفتح فكرة الخروج عليه.
ختاماً:
نسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين من كيد الكائدين وتلبيس المبلسين والمدلسين وأهل الأهواء والبدع

ونسأله بمنه وكرمه ورحمته وهداه أن يهدي ضال المسلمين ويمحق ويعري مضلهم ويخزيه.


إن أصبت فتوفيق من الله وفضل وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
حرر في يوم الجمعة 17 شوال 1437
الموافق 22 يوليو 2016
أخوكم في الله / الشامخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق