الخميس، 19 مارس 2020

النصيحة الودية لقارئ صحيفة الصلاة الإسماعلية


النصيحة الودية لقارئ صحيفة الصلاة الإسماعلية 


قام بتنسيقة وإعادة ترتيب حواشيه
أخوكم في الله الشـامـخ غفر الله له ولوالديه
www.ansaaar.com


الفهرس :
مقدمة
إضاءة على الطريق
الشرك بالله تعالى
معنى التوحيد
الظهور والتجلي
إنكار الأسماء والصفات
التوسل البدعي
العقول العشرة
تفضيل الأئمة على الأنبياء والرسل
إنكار موت الأئمة
الترحم والاستغفار للمشركين والتوسل بهم
البناء على القبور وتجصيصها
غرائب وعجائب
كلمة من القلب
--------------------------
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون) [1] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [2] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [3]، أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. [4] من المبادئ التي حث عليها الإسلام، وأرسى قواعدها في النفوس الأخوة الإيمانية والمودة والمحبة، قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة [5] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :"إنما المؤمنون في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" [6] ولا شك أن من لوازم الأخوة الإيمانية، ومقتضيات الجسد الواحد، التناصح والتواصي بالحق .
كما أكد القرآن ذلك في سورة العصر، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "الدين النصيحة الدين النصيحة" [7] وكررها ثلاث مرات، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه" [8] وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبايع الصحابة -رضي الله عنهم- على النصيحة لكل مسلم، واستشعاراً لذلك الأمر العظيم أحببت أن أقدم نصيحة ودية من أعماق قلبي لمن انخدع من عامة الناس بالمذهب الإسماعيلي وهم لا يعلمون حقيقته وخفاياه وأسراره التي يكتمها دعاته ، وحيث أنه قد أصل في نفوسهم ،أن كل ما يُقال عن مذهبهم من قبل الآخرين ، كذب وزور وبهتان رأيت أنَّ أنسب طريقة لإقناعهم عرض الكتاب العمدة في ظاهر مذهبهم ، على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك الكتاب يُسمى (صحيفة الصلاة) [9] والمطبوع في حيدر آباد بالهند سنة 1390 هـ وهذا الكتاب -كغيره من كتب أهل البدع- غير مسموح بطبعه، أو بيعه، أو تداوله، إلا أنه يُهرب إليهم بطرق غامضة، فلا يخلو منه بيت من بيوتهم ويعظمونه، ويحافظون عليه أشد من محافظتهم على القرآن الكريم فالقرآن في مساجدهم موضوع على كل رف، وفي متناول الجميع أما صحيفة الصلاة في محفوظة في البيوت، ومن شدة محافظتهم عليها يلفون عليها القماش النظيف أكثر من لَفَة، والبعض يخصص لها حقيبة ولا يُسمح لأحد من غيرهم بالاطلاع عليها، وقد بلغ ثمنها ستمائة ريال تقريباً مع العلم أنها مجلد واحد، ويتكون من 687 صفحة.

وما ذلك إلا لاعتقادهم :
أن كل الكتب قد نالها التحريف والتبديل ما عدا صحيفة الصلاة، فمن اعتقد بما فيها، وصدقه وطبقه عملياً، دخل الجنة بسلام، وليس في ذلك عندهم شك ولا ريب، وبعد قراءتها قراءة متأنية عدة مرات، وعرض بعض ما فيها على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجدت فيها أخطاءً كثيرة جداً ولعلي لا أتجاوز الحقيقة إذا قلت: إن كل صفحة لا تخلو من خطأ أو أكثر ووجدت فيها أيضا غرائب وعجائب لا يصدقها العقل ولا يستسيغها وبعضها تقشعر منها الأبدان ثم ركزت على الأهم فالأهم، وبينتُ تلك الأخطاء بالعنوان ورقم الصفحة، ونقلتها بالنص من دون تحريف أو تبديل، حتى لا يبقى للمشككين حجة.

والدعاوى ما لم يُقيموا عليها *** بينات أصحابها أدعياءُ

ثم بينت مخالفة تلك الأخطاء للعقيدة الصحيحة المستمدة من القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة بأحسن الألفاظ، وألطف العبارات ، ما استطعت إليه سبيلاً. [10] وقد وجدت أن مؤلفها يذكر بدهاء بعض عقائدهم السرية الباطنية بألفاظ موجزة، وإشارات خفية وعبارات مبهمة، بحكم أنها مؤلفة -أصلاً- لطبقة من أتباعهم لا ينبغي لها معرفة تلك العقائد السرية الباطنية فاضطررت إلى الرجوع إلى بعض كتبهم العقدية المشهورة التي تُدرّس في حلقاتهم، وأماكنهم السرية مثل كتاب (كنز الولد) للداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي، وغيره من كتبهم لشرح أقوال الهندي في الصحيفة وبيانها، وسميت هذا الكتيب ( النصيحة الودية لقارئ صحيفة الصلاة الإسماعيلية)
مع العلم أني لست ممن يكتب أو ينقد هذا المذهب وهو بعيد عن المذهب وأهله ولا يعرف واقعهم، فيتهمهم بما ليس فيهم ،فأنا من قبائلهم، وممن عايشهم ، ويعرف واقعهم وكما يقال: أهل مكة أدرى بشعابها .
وأملي ورجائي الشديدين ممن انخدع بهذا المذهب أن يقرأ هذا الكتيب الذي هو نبضات قلبي فقد سكبت فيه مشاعر الصدق والإخلاص وأن يتجرد عن الهوى والأحكام المسبقة والتعصب الممقوت للرجال والأقوال والأفكار [11]بغير حجة ولا بينة وألا يكونوا ممن وصفهم الله تعالى بقوله ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوامَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ)  [12]

تعرى من الثوبين من يلبسهما *** يلقى الردى بمذمةٍ وهوان
ثوبٍ من الجهل المركب فوقه *** ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحلَّ بالإنصافِ أفخر حلةٍ *** زينت بها الأعطاف والكتفان

وأن يكون هدفهم اتباع الحق، الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة فيسيرون مع الحق حيث كان فلو سألتهم لماذا أنتم ملتزمون بهذا المذهب ؟ لقالوا: إنه الحق؛ إذاً لو اتضح لكم أنه باطل، ومخالف للقرآن والسنة، وأن الحق هو خلاف ما أنتم عليه فهل أنتم تاركوه ومتبعون للحق؟!! فإن قالوا: نعم، فهذا ما أرجوه والحق أحق أن يتبع كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها" [13] وقد بعث الأمل في نفسي أن هناك أُناساً منهم لا يزال فيهم خير ويعظمون القرآن والسنة وحري بهم اتباع الحق إذا اتضح لهم؛ وقد استعنت بالله عز وجل في كتابة هذه النصيحة الودية، بياناً للحق وإقامة للحجة وبراءة للذمة عسى الله أن ينفع بها كاتبها وقارئها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأسأل المولى عز وجل أن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق، وهو خير الفاتحين وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه
اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. [14]


إضاءة على الطريق :
أهم أسباب السعادة في الدنيا، والفوز والفلاح في الآخرة، الاعتصام بالله تعالى، والاعتصام بحبله فلا نجاة إلا لمن تمسك به قال تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [15] واعتصام الجميع بحبل الله تعالى عده علماء الإسلام من أعظم أصول الإسلام؛ ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه الكريم ، ومن ذلك قوله تعالى (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [16] وتأكيداً لذلك الأمر العظيم
حذرنا المولى سبحانه من الوقوع فيما وقعت فيه الأمم السابقة من الاختلاف والتفرق فقال تعالى (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [17] .
والمتأمل في أحوال الأمة الإسلامية، يجد أنهم فرقوا دينهم وصاروا شيعاً، وجماعات كل حزب بما لديهم فرحون؛ وذلك مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى "وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين" [18] ومع وجود ذلك الاختلاف والتفرق، الذي مزق الأمة شر ممزق يبقى بعض الناس -وخصوصاً العامة ومن لم يتزود بالعلم الشرعي- في حيرة من أمره وهو يشاهد الافتراق والتطاحن الشديد بين طوائف الأمة وفرقها فهذه الفرقة تفعل كذا وتقول: بأنه سنة مؤكدة  والفرقة الثانية تقول: بأنه بدعة منكرة، وفرقة تفعل كذا، وتقول: بأنه توحيد وإيمان وفرقة أخرى تقول: بأنه شرك وكفر ... وهكذا، ويصل الأمر أحياناً إلى التكفير والتبديع، وسل السيوف وسفك الدماء؛ فعند هذه الحالة ما المخرج من هذه الفتنة؟ وما الحل عند هذا الاختلاف؟ لا شك أن الله سبحانه وتعالى بلطف منه ورحمة -وهو أرحم الراحمين- لم يتركنا هملاً بل رسم لنا الطريق الصحيح لمعرفة المصيب من المخطئ وأرشدنا إلى كيفية معرفة الحق من الباطل والهدى من الضلال، والسنة من البدعة، فإذا وقع بين المسلمين، في أن هذا الشيء بدعة أو غير بدعة، أو مكروه أو غير مكروه أو محرم أو غير محرم أو غير ذلك .

فاعلم رعاك الله أنه قد اتفق المسلمون من عصر الصحابة -رضي الله عنهم- إلى عصرنا الحاضر أن الواجب عند الاختلاف في أي أمر من أمور الدين هو الرجوع إلى كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ كما أرشدنا إلى ذلك الله سبحانه وتعالى فقال عز من قائل (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [19] ومعنى الرد إلى الله سبحانه وتعالى الرد إلى كتابه العزيز عند الاختلاف والتنازع، ومعنى الرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه في حياته، والرد إلى سنته بعد مماته، ومن ذلك قوله تعالى (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [20] وقوله تعالي (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [21] فالرد عند التنازع والخلاف إلى القرآن والسنة، هذا مما لا خلاف فيه بين جميع المسلمين.
وعليه فليس لأحد من البشر أن يقول: إن الحق ما قاله الشيخ الفلاني، أو ما قاله الداعي الفلاني أو سيدنا فلان أو مولانا فلان أو إن الحق ما وجدت عليه آبائي وأجدادي بل الواجب على كل أحد، أن يرد ما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن كان دليل الكتاب والسنة معه فهو الحق ، وهو الأولى بالاتباع ومن كان دليل الكتاب والسنة خلاف قوله أو فعله فهو المخطئ، والمخالف للكتاب والسنة والواجب على الأفراد عدم الاقتداء بالمخطئ كائناً من كان والرجوع إلى من كان الدليل معه كائناً من كان لأنه الذي أصاب الحق و وافقه.
وفي هذا الكتاب الذي بين يديك أخي الحبيب قد عرضت ما في صحيفة الصلاة الإسماعيلية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما عليك إلا أن تضع ما جاء  في الصحيفة وأقوال مؤلفها في كفة ، والقرآن والسنة في الكفة الأخرى ثم انظر إليهما نظرة العدل والإنصاف والصدق والأمانة، فإن كان ما في الصحيفة موافقاً للقرآن والسنة فعضَّ عليه بالنواجذ وإن كان مخالفاً فألقه وراء ظهرك واتبع الحق الموافق للقرآن والسنة ودر معه حيث دار، وأنت الحكم وبيدك القبول والرد ...والله يقول (فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا) [22]
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرينا وإياك - أخي الكريم - الحق حقاً ويرزقنا أتباعه ويرينا وإياك الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

أولاً : الشرك بالله عز وجل. الشرك بالله:
هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله ،أي من صرف شيئاً من أنواع العبادة التي لا تصرف إلا لله ، كالصلاة، والدعاء والحج والطواف والخوف والرجاء، والاستغاثة ونحوها لغير الله، كان مشركاً شركاً أكبر، سواء كان ذلك الغير ملكاً مقرباً، أو نبياً مرسلاً أو ولياً صالحاً أو صنماً، أو حجراً، أو شجراً، أو نحو ذلك، وبالنظر في كتب الإسماعيلية، نجد أنها تطفح بالشركيات والعياذ بالله ومنها صحيفة الصلاة التي هي مدار حديثنا، وموضوع مناقشتنا ومن شركياتهم ما يلي: قال الداعي حسن بن هبة الله المكرمي كما جاء في صحيفة الصلاة في المخمس لسيدهم حسن بن هبة الله ص 675 قولاً شنيعاًوالعياذ باللهحيث قال :
"وإن رمتك الليالي البهم بالنوب *** فاهتف بأحمد خير العجم والعرب
وبالوصي علي كاشفِ الكرب *** فكم حزين يبيت الليل في تعب "
شرح ألفاظ البيتين :
النوب هي: جمع نوبة أو نائبة، ومعناها في اللغة: ما ينزل بالإنسان من الكوارث والمصائب، والهتف في اللغة هو: الدعاء بصوت عال يقارب الصياح، فيقال: هتف به أي صاح به ودعاه، ويقال: الهاتف وهو: الصوت يُسمع دون أن يُرى شخص الصائح أو الداعي، وأحمد من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي أي علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقال الهندي في دعاء صلاة قضاء الحوائج ص 272 ، 273 قولاً شركياً شنيعاً حيث قال:
يا بني المصطفى إليكم إليكم *** في الملمات يفزع المكروب
يا بني المصطفى لديكم لديكم *** أمل في نفوسنا مطلوب
أنتم أنتم الغياث إذا ما *** أوبقت ذا الذنوب منا الذنوب
أنتم أنتم الغياث إذا ما *** حان حين لنا وآن مغيب
قد خُلقتم من طينة وخلقنا *** نحن منها لكن بنا تثريب
إن أجسامكم لناشئة الطين *** الذي شق منه منا القلوب

وأساء الهندي الآخر المنصوب الحاج محمد قسّام للرسول صلى الله عليه وسلم وهو يمدحه لأنه خالف توحيد الله تعالى بالعبادة والذي هو أساس ولب دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال في صحيفة الصلاة،في ختمة قبورية للمؤمنين ص 190
أرى البرق من أرض الحجاز إذا بدا *** يشوقني ذكرى النبي محمدا
إلى أن قال :
وأشكو ذنوبي كلها عند سيدي *** حبيبي ومحبوبي فما زال سيدا
ألا يا رسول الله جا مستجيركم *** من النار في قيد الذنوب مقيدا
فقم يا رسول الله قومة مسرع *** إذا أنت من دوني فقصري مشيدا
فهو يشكو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ذنوبه ويستجير به من العذاب والنار؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقال الداعي جعفر بن سليمان بن الحسن الهندي قولاً منكراً وذلك في ختمة قبورية للدعاة والحدود ص ( 192 ) من الصحيفة حيث قال: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وقوته وحوله ، وطوله، المرجو رحمته والمخوف هوله!! فهو يرجو رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم ويخاف من هول عذابه!!

ثانياً : معنى التوحيد والشرك.
التوحيد في اللغة : مشتق من وحّد الشيء إذا جعله واحدا فهو مصدر وحد يوحد أي جعل الشيء واحداً [50] وفي الشرع أو الاصطلاح عند علماء الإسلام: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة مع الجزم بانفراده في ذاته، وأسمائه وصفاته، وأفعاله، فلا نظير له ولا شبيه، والشرك نقيض التوحيد كما إن الكفر نقيض الإيمان فالشرك في اللغة معناه: "المخالطة والمشاركة يقال: لشّركة وهي مخالطة الشريكين؛ ويقال: أشركنا بمعنى تشاركنا[51] أشرك بالله :أي جعل له شريكاً في عبادته، أو ملكه ، تعالى الله عن ذلك ومنه قوله تعالى (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [52] أي اجعله شريكي فيه، والشرك في المعنى الاصطلاحي عند علماء الإسلام: هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، فالمشرك هو من صرف شيئاً من أنواع العبادة التي تصرف لله لغير الله؛ هذا هو تعريف علماء الإسلام للتوحيد والشرك وهو التعريف الذي يوافق النصوص الشرعية ومن القرآن والسنة ويوافق اللغة والفطرة والعقل، ونجد أن الإسماعيلية تخالف عموم المسلمين من السنة وغيرهم في معنى التوحيد والشرك، والذي هو أهم القضايا، وأساس الدين وقطبه القويم فيعتقدون أن التوحيد هو الإقرار بولاية علي رضي الله عنه والأئمة من بعده!! والشرك الإشراك بولايتهم!! ولا شك أن كل مسلم على الفطرة، لا يصدق قولهم، ويرده رداً قاطعاً وأما من كان على مذهبهم وهو على الفطرة الصحيحة ولم يتشرب بعقائدهم الباطنية، فسوف يستغرب هذا القول أيما استغراب؛ وحتى لا يُقال: إن كلامنا كذب وزور وبهتان، إليك البراهين الواضحة، والحجج الدامغة من خلال كتبهم، وأقوالهم، والتي لا يبقى معها أدنى شك والله يقول (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (سورة النمل 64).

 فإليك أخي المسلم أقوالهم من خلال كتبهم: قال الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي وهو الداعي الثاني في سلسلة الدعاة كما جاء ذلك في صحيفة الصلاة ص 684 في كتابه المشهور كنز الولد ص 26 "فلا إثبات لتوحيده وتمجيده وتنزيهه وتجريده إلا بمعرفة حدوده" وشرح المحقق للكتاب وهو إسماعيلي مراده بذلك في الحاشية في ص  26 ، 11 فقال في التوحيد هو: "معرفة حدوده العلوية" أي العقول العشرة ) والسفلية ( أي الأئمة [53] وقال المؤلف أيضاً في الكتاب نفسه ص23 "والتوحيد معرفة أسمائه" (الأئمة  (وتجريده (التوحيد) الاتصال بأوليائه فمن عرفهم ووحدهم من قبلهم نجا ، ومن جهلهم ولم يتصل بهم ضل وغوى وقال في ص 24 وأشهد أن لا إله إلا الذي من ألحد في حدوده سقط عن معالم توحيده ... أحمده إذ قام منهم في كل عصر هادياً ، نصبه للدين داعياً ،وللإيمان منادياً فمن آمن به آمن  ومن زاغ عنه امتحن وامتهن". فالتوحيد عندهم الإقرار بالعقول العشرة ومعرفتها- والتي هي خرافة لا أصل لها وسيأتي الحديث عنها-وكذلك الإقرار بالأئمة ومعرفتهم فإذا أقر بهم الإنسان فهو من الموحدين ، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .وبما أن صحيفة الصلاة مؤلفة أصلاً للعوام والمبتدئين فلا يظهروا فيها شيئاً من عقائدهم الباطنية السرية إلا برموز وألفاظ غامضة لا يعرفها إلا من كان على علم بعلم الباطن، فقد جاء فيها ما يدل على أنهم على آثار أسلافهم مقتدون حيث اعتبر مؤلفها الهندي أن ولاية الأئمة هي الإسلام ودين الإسلام كله!! فقال ص 452 "ومن بهم(الأئمة) وبموالاتهم رضيت لنا الإسلام دينا" فالإنسان لا يكونبزعمهم – مسلماً إلا بموالاتهم والله سبحانه وتعالى لا يرضى من أحد الإسلام إلا بموالاة الأئمة الإسماعيلية بزعمهم وبعد معرفة التوحيد عندهم ننتقل إلى معرفة معنى الشرك الذي هو نقيض التوحيد فنجدهم يعتبرون الشرك: هو الشرك بولاية علي رضي الله عنه وبولاية الأئمة من بعده وليس هو الشرك بالله عز وجل!! وهذا دليل على أن عقيدته تقوم على أصول بدعية مترابطة وظلمات بعضها فوق بعض
وإليك أخي الكريم أقوالهم من خلال كتبهم :- قال الهندي في صحيفة الصلاة في الموضع السابق ص 450 "وسبحان الله عما يشركون بولايته (أي علي) وباتخاذ الولائج من دونه ونشهد أنه الإمام الهادي والمرشد الرشيد علي أمير المؤمنين" وحتى لا يُقال: إنني حرفت كلامه، أو أخطأت في فهمه ، أو قولته ما لم يقل فإليك أقوال أسلافهم ودعاتهم الأولين.
القاضي النعمان صاحب كتاب دعائم الإسلام في كتابه أساس التأويل(وهو من أهم كتبهم) ص320 ، 355 "الشرك هو الشرك بولاية كل إمام" وقال الداعي إسماعيل بن هبة الله المكرمي في كتابه مزاج التسنيم بتحقيق المستشرق شتروطمان في الجزء الثالث ص 20 عند تفسيره لقوله تعالى (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ) [54] "أشركوا بمقام الوصي" وقال أيضاً في ص 123 "الشرك هو إشراك الأضداد في مقام الوصي" وقال الداعي جعفر بن منصور اليمن [55] في كتاب الكشف ص 53 في تأويله لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [56] "إنما الإشراك أن يشرك بولاية أمير المؤمنين ومن نصبه الله ولياً وإماماً فجعل معه غيره ،ويجحد بولايته.."
ومع الأسف فإنهم ينسبون عقائدهم الباطلة لأهل البيت عليهم السلام ويزعمون أنهم ينقلون تلك العقائد منهم ويلصقونها بهم وهم منها براء كبراءة الذئب من دم يوسف - عليه السلام- ويترتب على عقيدتهم تلك أن الذي لا يعتقد بولاية الأئمة والدعاة القائمين مقام الأئمة عند غيابهم كافر ومخلد في النار وأعماله تذهب هباءً منثوراً.

نقض مذهبهم وبيان بطلانه :-
بعد تعريف التوحيد والشرك عند علماء الإسلام ، والإسماعيلية يتضح الفرق العظيم، والبون الشاسع في مسألة هي أساس الدين وركنه القويم، فالفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض وبين الليل والنهار، ولا ريب أن عقيدة الإسماعيلية في التوحيد والشرك، عقيدة باطلة ومخالفة للقرآن والسنة وإجماع علماء الأمة ومخالفة للعقل والفطرة ومع ذلك سوف نرد عليهم باختصار شديد -لكون معنى التوحيد والشرك من أبجديات الإسلام التي لا ينازع فيها اثنانعلى النحو التالي:
أولاً: أن قولهم: إن التوحيد : هو الإقرار بولاية الأئمة قول باطل فإن التوحيد: هو إفراد الله بالعبادة، والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وذلك هو الركن الأول من أركان الإسلام كما جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً" [57] والتوحيد: هو معنى لا إله إلا الله ومعناها: لا معبود بحق إلا الله تعالى، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، ولأجل هذه القضية قاتل الرسول صلى الله عليه وسلم الكفار فقال "أُمرت أن أُقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ... الخ" [58] فإذا أسلم الكفار أجرى الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم أحكام الإسلام، ولم يذكر الإقرار بولاية الأئمة مطلقاً.
ثانياً: أن الله عز وجل حدد لنا معنى الشرك ، ولم يتركنا نخوض في هذه المسألة المهمة ونحددها بأهوائنا وآرائنا فقال تعالى على لسان لقمان (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [59] وقال تعالى على لسان الجن (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) [60] فالشرك يكون بالله تعالى ،وليس بولاية علي ولا ولاية الحسن أو الحسين رضي الله عنهما ولا ولاية غيرهم .
ثالثاً: لو زعموا أن الآيات التي فيها لفظ الشرك ، المراد بها الإشراك بولاية الرسول صلى الله عليه وسلم في وقته ثم الأئمة من بعده لقلنا لهم: إنها وردت آيات كثيرة تنهى الرسول صلى الله عليه وسلم ذاته أن يشرك ومنها قوله تعالى (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [61] فإن قالوا المراد بها الإشراك بولاية علي، فهو باطل ومردود لأنه ليس له ولاية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بإجماع الفريقين وإن قالوا: المراد بها الرسول ذاته فهو قول باطل ومردود، إذ كيف يشرك بنفسه؛ فيتضح بجلاء أن المراد بالشرك هو الإشراك بالله سبحانه وتعالى في ألوهيته بعبادة غيره.
رابعاً: جاء في القرآن الكريم الآيات الكثيرة في الأمر بقتال المشركين ومنها قوله تعالى (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) [62] وامتثل الرسول صلى الله عليه وسلم لتلك الأوامر الربانية، وامتثل معه آلاف الصحابة رضي الله عنهم وقاتلوا المشركين قتالاً شديداً، في بدر وأحد والخندق وحنين وغيرها من المعارك والغزوات فهل كانوا يقاتلونهم حتى يعلنوا ولايتهم لعلي وللأئمة من بعده؟!! لا أظن أن يقول هذا عاقل عنده أدنى معرفة بالإسلام بل كانوا يقاتلونهم لإعلاء كلمة لا إله إلا الله وإخلاص العبادة لله وحده ونبذ الشرك، المتمثل في عبادة الأصنام والأوثان، قال صلى الله عليه وسلم "أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها"  [63]
خامساً: على حسب معتقدهم في التوحيد والشرك فالصحابة رضي الله عنهم كلهم مشركون ما عدا ثلاثة أو أربعة فقط لأنهم كما يزعمون لم يعتقدوا بولاية علي رضي الله عنه وهذا المعتقد مخالف للقرآن الكريم حيث قال الله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [64] فالله أخبرنا بأنه رضي الله عنه وأنهم في الجنة خالدين فيها أبداً.
والإسماعيلية تقول: إنهم كفار وفي جهنم خالدون ! فهل نصدق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والله يقول (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) [65] أم نصدق الإسماعيلية؟!! وفي الآية يقول الله (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [66] والذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، أكثر من ألف وأربعمائة صحابي ويترتب على رضى الله عنهم الجنة بلا شك، وقد ورد في الحديث الصحيح "لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة" [67] وهؤلاء الإسماعيلية يقولون: إنهم كفار وفي جهنم فهل نصدق الله سبحانه وتعالى وهو القائل(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا)  [68]أم نصدق الإسماعيلية؟!!
وهذا علي رضي الله عنه الذي يتشيعون له زوراً وبهتاناً ويعتقدون أن الإقرار بولايته هو التوحيد يصاهر الصحابة، ويوادهم، ويعاشرهم ويصلي خلفهم، ويأكل ذبائحهم .... الخ؛ وهذا العمل حرام لو كانوا مشركين مرتدين، فها هو يزوج عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته أم كلثوم وبقيت عنده حتى قُتل، وأنجبت له زيداً ورقية [69] والله يقول (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) [70] وهذا يدل على بطلان هذه العقيدة ، وأنها دخيلة على الإسلام .
سادساً: إنه يترتب على قولهم: إن التوحيد هو الإقرار بولاية علي والأئمة من بعده والشرك هو الشرك بولايتهم تأليه الأئمة والعياذ بالله ولا حول قوة إلا بالله.
سابعاً: إن الإسلام دين نهضة وحضارة، ودين جاء لإنقاذ البشرية من ظلمات الجهل والشرك والهوى وإخراج الناس من عبودية البشر إلى عبودية الله تعالى ودين هذا شأنه هل يمكن أن نتصور أن أصل أصوله وقاعدته وركنه القويم محصورة في "الإقرار بولاية أئمة الإسماعيلية".
ثالثاً: الظهور والتجلّي:
من شواذ عقائد الإسماعيلية وطوامهم اعتقادهم بعقيدة الظهور والتجلّي والتي يعتقدون فيها أن الله سبحانه وتعالى يظهر للناس ويتجلّى لهم في صورة الأئمة والدعاة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وإليك أخي الكريم أقوالهم من خلال كتبهم: قال الهندي في الصحيفة في صلاة التسبيح الأعظم ص 234 "اللهم إني أسألك باسمك الذي ظهرت به لخاصتك من عبادك، فعرفوك حقيقة المعرفة أن تعرفني نفسك لأعبدك على حقيقة الإيمان" فالله في زعمهم يظهر ويتجلّى في صورة إنسان ويظهر للناس حتى يعرفوه حقيقة المعرفة فهو يظهر ويتجلّى حسب عقيدتهم ، في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فعلي في الظاهر بشر ولكنه في الباطن الإله والرب ، وكذلك يظهر في سلمان الفارسي فهو في الظاهر بشر ولكنه في الباطن إله ورب، ومما يؤكد أنها عقيدة في المذهب وأنهم يتناقلونها جيلاً بعد جيل ما جاء في كتاب كنز الولد للداعي إبراهيم الحامدي في الباب الأول ص24 حيث قال "اللهم يا من جل عن علّة المحدود ، وعلا عن ذكر الموجود ، وخفي في وجوده وظهر في حدوده..." ثم قال :هم الأُولى بهم تجلّى ربّنا *** لخلقه سبحانه عزّ وجل" فالله -في زعمهم- مخفي ليس له وجود معين، وهو يظهر في حدوده أي الأئمة والدعاة، ويتجلى بهم لخلقه.

نقض مذهبهم وبيان بطلانه:
اعتقاد أن الله سبحانه يظهر للبشر، ويتجلّى لهم في صورة البشر اعتقاد باطل ومخالف للكتاب والسنة وإجماع علماء الإسلام، ومخالف للعقل السليم والفطرة الصحيحة؛ وهذا من شواذ بل من طوام الإسماعيلية التي لم يقل بها -على حد علمي- غيرهم من المنتسبين للإسلام؛ والاعتقاد الصحيح المنصوص عليه في القرآن الكريم هو أن الرب سبحانه وتعالى فوق السموات مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وهو بائن عن خلقه ومطلع على كل شيء ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء؛ وهذا هو الاعتقاد الصحيح، الموافق للنصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والمركوز في فطرة الجن والأنس والدواب وأصبحت تلك العقيدة من البديهيات التي لا يجادل فيها إلا مكابر جاحد؛ ومن اعتقد كما قال الهندي: "أن الله سبحانه وتعالى يظهر في الناس في صورة أشخاص حتى يعرفوه على حقيقته أو أنه يتجلى في صورة الأئمة حتى يُرى ويعرف على حقيقته ، فيبطله ويدمغه قوله تعالى (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) [70]
فالآية تدل على بطلان ما ذهبوا إليه من وجوه:
الاول أن الله عز وجل نفى الرؤية في الدنيا بقوله (لَنْ تَرَانِي(
الثاني أن الله عز وجل لم يلب طلب موسى عليه السلام ومنعه من رؤيته في الدنيا وهو كليم الرحمن ورسوله الكريم وأعلم الناس بربه في وقته فكيف يمكن أن يقال: بأن الله يتجلى للمبتدعة؟!!
الثالث أن الجبل لم يثبت للتجلي في الدنيا مع قوته وصلابته فكيف يثبت البشر لذلك وقد خُلقوا من ضعف .

ومما يبطل قولهم ويدمغه أيضاً:
أن الله عز وجل قد عاب على اليهود وذمهم، حينما سألوا موسى عليه السلام رؤية الله في الدنيا فقال تعالى (َسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) [72] وقوله تعالى عن اليهود (َإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) [73] وقال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا( [74]
فيظهر بطلان عقيدة الهندي وأتباعه المتمثلة في قوله: إن الله سبحانه يظهر في صورة أشخاص أو يتجلى في صورة الأئمة والدعاة؛ ويتضح أنهم يسيرون على خُطا عبد الله بن سبأ اليهودي وأتباعه ويعتقدون بعقائدهم ويقولون بأقوالهم.
فعبد الله بن سبأ [75] وأتباعه قالوا بعقيدة الظهور والتجلّي وأن الله ظهر لهم وتجلّى في صورة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعلى هذا ألَّهوه فلما علم رضي الله عنه بذلك استتابهم فلم يتوبوا فأحرقهم [76] وقال:
لما رأيت الأمر أمراً منكراً *** أججت ناري ودعوتُ قمبرا

فقالوا صدق اعتقادنا فيك أنك أنت الله ، لأنه لا يحرق بالنار إلا الله فهم اعتقدوا أن الله حالٌّ فيه وهو الإله والرب وأن الله قد ظهر للناس في صورة علي رضي الله عنه وهذا معنى قول الهندي: "اللهم إني أسألك باسمك الذي ظهرت به لخاصتك من عبادك فعرفوك حقيقة المعرفة أن تعرفني نفسك لأعبدك على حقيقة الإيمان" أي أن تظهر لي في صورة الإمام ، أو الداعي ، أو باب من الأبواب أو حجة من الحجج وهذه بعض مراتب الدعاة الإسماعيلية [77] وقد يتبوأ هذه المراتب امرأة مثل أروى الصليحية [78] والتي حكمت اليمن فترة من الفترات فإن ظهر وتجلّى الإله في رجل؛ فكيف أن هذا الرجل (الإله) يطأ النساء ويدخل الحمامات ويتغوط ويتبول؟!! وإن ظهر وتجلى الإله في امرأة فالتساؤل أشد وأغرب وسبحان الله عما يصفون (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [79].

رابعًا : إنكارهم لأسماء الله الحسنى وصفاته العُلا.
توحيد الأسماء والصفات، له منزلة عظيمة ومكانة رفيعة وقد عده علماء الإسلام أحد أنواع التوحيد الثلاثة والعلم بأسماء الله تعالى وصفاته من أجل العلوم وأفضلها وأشرفها
والمذهب الحق الموافق للكتاب والسنة في هذا الباب يتلخص فيما يلي:
أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله نفياً وإثباتاً ، فيُثبت لله ما أثبته لنفسه ويُنفى عنه ما نفاه عن نفسه.
وطريقة سلف الأمة وأئمتهم، إثبات ما أثبته من الصفات، من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه، مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته، فإن الله ذم الذين يلحدون في أسمائه كما قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [80]
فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات ، مع نفي المماثلة للمخلوقات ، إثباتاً بلا تشبيه وتنزيهاً بلا تعطيل كما قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [80] ففي قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) رد للتشبيه والتمثيل وقوله تعالى (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) رد للإلحاد والتعطيل.
هذا هو المنهج الحق، الموافق للنصوص الشرعية من القرآن والسنة، وموافق لما عليه الصحابة وأهل البيت الأطهار علي وفاطمة والحسن والحسين وزين العابدين رضي الله عنهم وقد خالفت الإسماعيلية ذلك المنهج الحق ، وخالفوا القرآن الكريم وتنكبوا الصراط المستقيم وضلوا الطريق القويم، فأنكروا أسماء الله الحسنى وصفاته العلا.

وإليك أخي الكريم أقوالهم من خلال صحيفة صلاتهم وبعض كتبهم:
من أشهر كتبهم العقدية كنز الولد للداعي إبراهيم الحامدي [82] الثاني في ترتيب سلسلة الدعاة في آخر الصحيفة ص684 جاء في ص11 منه "إن الغيب سبحانه وتعالى لا يقال عليه باسم من الأسماء، ولا يوصف بما به مبتدعاته تُدعى ....فتوحيده معرفة حدوده ... وسلب الأسماء والصفات عنه لهم تنزيهه" وقال الداعي علي بن الوليد في كتابه المشهور لديهم والمسمى تاج العقائد ومعدن الفوائد ص 33 "لا توحيد إلا بإخلاص ، ولا إخلاص مع التشبيه ولا تشبيه إلا مع إثبات الصفات ولا توحيد إلا باستقصاء النفي كله (للصفات) والهندي في صحيفة الصلاة يسير على خُطا أسلافه في إنكارهم لصفات الله تعالى فقال في الختمة القبورية للطفل ص 178 "فسبحان المتجالل عن كل صفة وسمة" وقال في دعاء يوم الجمعة المنسوب كذباً لعلي رضي الله عنه ص 569 "إلهي أنت الذي لا تنال بوصف" وجاء في الصحيفة في دعاء النصر والمهابة والمكذوب على علي رضي الله عنه في ص641 قوله "اللهم إني أسألك يا هو يا من لا يعلم ما هو إلى هو" كما وردت نفس العبارة في دعاء صلاة قضاء الحوائج ص266 (وقد شرحوا هذه العبارة في كتاب مسائل مجموعة من الحقائق العالية ص70)
وقالوا:
إن المقصود من ذلك إنكار الأسماء والصفات لله بمعنى أنه ليس له صفة يوصف بها فلا أحد يعلم صفاته إلا هو؛ وجاء في مناجاة بعض من سموهم بالصالحين في آخر الصحيفة ص679

"يا من تعالى فلا وصف يقوم به *** ولا يليق به مدح البريات"

وقال الداعي إسماعيل بن هبة الله المكرمي في مزاج التسنيم ص5
"الحمد لله المتعالي عن السماء والأسماء" وهذا نص صريح في إنكار أسماء الله تعالى .

نقض مذهبهم وبيان بطلانه:
الإيمان بأسماء الله وتعالى وصفاته من أهم ركائز الإيمان بالله تعالى وعدّه علماء الإسلام أحد أنواع التوحيد؛ وقد أثبت الله لنفسه في القرآن الكريم الأسماء الحسنى ووصف نفسه بالصفات العُلا وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت لله الأسماء الحسنى والصفات العلا والأئمة والعلماء من عهد السلف إلى عصرنا الحاضر على إثبات الأسماء والصفات؛ قال تعالى في سورة الفاتحة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [83] فالله والرب والرحمن من أسماء الله عز وجل كما جاء في تلك السورة العظيمة التي نقرؤها في الصلاة كل يوم وليلة عشرات المرات وتلك الأسماء الثلاثة.
قال علماء الإسلام:
عن مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا إليها واشتملت تلك السورة أيضاً على اسم الرحيم والمالك، والإسماعيلية ينكرون ذلك ويقولون: "إن المولى عز وجل لا يُسمى بلفظ الجلالة الله ولا الرحمن ولا الرحيم ولا المالك ولا يتصف بالرحمة" وقال تعالى في آية الكرسي  (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) [84]
فالحي والقيوم من أسماء الله والإسماعيلية تقول ليس بحي ولا قيوم وقال تعالى (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [85]، وقال تعالى (ِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [86]
والإسماعيلية تقول: "ليس بلطيف ولا خبير ولا عليم ولا حكيم" وقال تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ* هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[87]
والإسماعيلية تنكر تلك الأسماء كلها والله يقول (لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) والإسماعيلية تكذب الله تعالى وتقول ليس له الأسماء الحسنى وتقول إن التوحيد هو سلب (إنكار) الأسماء والصفات والقرآن لا تكاد تخلو آية من آياته إلا وتختم باسم من أسماء الله تعالى، وكل اسم من أسماء الله تعالى يشتق منه صفة فمثلاً الحي السميع البصير أسماء لله تعالى وتدل على صفة الحياة والسمع والبصر وهكذا.

ونلخص الرد عليهم في النقاط الآتية :-
أ-أن الله عز وجل قد أثبت لنفسه في القرآن الكريم الأسماء والصفات، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت لله الأسماء والصفات في أحاديث كثيرة فمن أنكرها فهو مخالف للقرآن الكريم وسنة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم وما عليه أهل البيت والصحابة والتابعون .
ب-إن القول الفصل المطرد السالم من التناقض، ما كان عليه سلف الأمة وأئمتها من إثبات ما أثبته الله تعالى من الأسماء والصفات إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل وإجراء النصوص على ظاهرها على الوجه اللائق بالله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
ج-وأما شبهتهم فإنهم زعموا أن دليلهم على نفي الصفات قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ]الشورى11[ وزعموا: أنه يلزم من إثبات الصفات للباري سبحانه وتعالى مشابهته للمخلوق لأن البشر يتصفون بهذه الصفات.
والرد عليهم من وجوه:
الأول: أن الله تعالى أثبت لنفسه الصفات إجمالاً وتفصيلاً مع نفي المماثلة، فقال تعالى (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) [88] وقال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [89] فمع نفي الله المماثلة، أثبت في نفس الآية أنه سميع بصير وهذا يدل على إثبات الصفات لا يستلزم التمثيل ولو كان يستلزم التمثيل لكان كلام الله متناقضاً، والله منزه عن هذا.
الثاني: أن الله سبحانه وتعالى جمع بين نفي المماثلة وإثبات الأسماء والصفات في قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [90] فمن أقر بالنفي وأنكر الإثبات فقد آمن ببعض الكتاب دون بعض والكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله؛ قال تعالى منكراً على بني إسرائيل (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [91] وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا)[92] .
الثالث: أن قول هؤلاء: إن إثبات الأسماء والصفات لله يستلزم تشبيهه بالموجودات قول باطل لأن الاشتراك في الاسم والصفة لا يستلزم تماثل وتشابه المسميات والموصوفات؛ فإذا قيل إن العرش موجود، والقمر موجود، والفيل موجود والبعوض والنمل والذباب كلها موجودة فهل يجوز لأحد أن يقول: إن وجود هذه المخلوقات متساوٍ وأنه شيء واحد؟!! فإذا كان هذا مرفوضاً فإن التباين الذي بين الخالق والمخلوق أعظم من التباين الذي بين المخلوق والمخلوق وإذا قيل إن للجمل يداً وللهر يداً وللإنسان يداً فهل يلزم أن تكون الأيدي متماثلة ومتشابهة؟!! إن كل العقلاء يعلمون بطلان هذا القول
فإن الاتفاق في الأسماء لا يوجب تماثل المسميات عند الإضافة والتقييد والتخصيص.
ولهذا سمى الله نفسه بأسماء، وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم ولم يلزم من اتفاق الاسمين تماثل مسماهما واتحاده فقد سمى الله نفسه حياً فقال تعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [93] وسمى بعض عباده حياً فقال تعالى (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) [94]
وليس هذا الحي مثل هذا الحي، فلا بد من إثبات ما أثبته الله لنفسه، ونفى مماثله لخلقه.

وقد ضرب أحد العلماء مثالاً لهؤلاء الذين أنكروا الأسماء والصفات لله فراراً من تشبيهه بالمخلوقين بقوله إن هؤلاء لم يروا إلا رأس الديك ويقول في شرح هذا المثل : يقال إن رجلاً أعمى رُد إليه بصره لحظة فرأى رأس ديك ، ثم عاد كما كان ، فكان إذا قيل له، إن فلاناً بنى قصراً عظيماً قال: كيف هو من رأس الديك؟ وإذا قيل له: قد وصلت الميناء سفينة ضخمة ، قال: كيف هي من رأس الديك؟ لأنه لم يشاهد غيره ويريد أن يقيس كل شيء على الذي شاهده.

وهكذا هؤلاء المنكرون للأسماء والصفات لم يشاهدوا إلا هذا المخلوق الضعيف الفاني المتصف بهذه الصفات الفانية بفنائه ،فتوهموا أنهم إذا أثبتوا هذه الصفات التي وصف بها نفسه في كتابه ، وهو أعلم بنفسه من خلقه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق وأتقاهم وأخشاهم لله تعالى ، فقد شبهوه بالمخلوق لأنهم لم يشاهدوا إلا إياه ويريدون أن يقيسوا أسماء الله وصفاته على ما شاهدوه والله تعالى أجل وأعظم من كل ما شاهدته الأبصار أو توهمت العقول، فله سمع لا يشبه سمع المخلوقين وإنما سمع يليق بجلاله وعظيم سلطانه وكذا كل الصفات نثبتها بلا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل إثباتاً يليق بجلاله وعظيم سلطانه.
الرابع: أنهم نفوا الأسماء والصفات، فراراً من التشبيه بالموجودات فوقعوا في أقبح مما فروا منه
لأن نفيهم هذا يستلزم تشبيهه بالمعدومات لأن الذي لا اسم له ولا صفة هو المعدوم وذلك أقبح من تشبيهه بالموجودات.
هـ_ من أوجه الرد عليهم بيان تناقضاتهم ، مع العلم أن مذهبهم يقوم أصلاً على تناقضات كثيرة
ومنها تناقضاتهم في باب الأسماء والصفات فنجدهم ينكرون الأسماء في الباطن أما الظاهر فنجد صحيفة الصلاة فيها الكثير من إثبات الأسماء ومن ذلك قولهم في ذكر الوضوء ص6 "بسم الله والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله..." وكذلك في التشهد الأول كما جاء في ص66 وكذلك ص613 بل أفردوا لأسماء الله فصلاً في الأخير ص680 .
وحل هذا التناقض والتعارض بما يلي:
أنهم يعتقدون في الباطن أن أسماء الله عز وجل الأئمة كما جاء ذلك في كتاب كنز الولد ص205 حيث حرفوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة" بأن المراد بها الأئمة فمن عرفهم دخل الجنة؛ وقال أيضاً ص25 "وما كان من آي التشبيه فمراده به أولياؤه الذين هم صفاته الحسنى، وأسماؤه العليا" فمقصدهم- في الباطن -أن تلك الأسماء ، وإن عددوها وتشدقوا بها أسماء أئمتهم وليست هي أسماء لله تعالى وكذلك الصفات، ويخادعون العوام المساكين من أتباعهم .ومن تناقضهم أيضاً في هذا الباب، أنهم أنكروا صفات الله تعالى بحجة أنها تستلزم التشبيه بمخلوقاته ثم نجدهم كما مر معنا في الفقرة الثالثة (اعتقادهم بالظهور والتجلّي) يقولون: "إن الله يتجلى لعباده في صورة الأئمة والدعاة ، ويظهر للناس في صورهم وأجسادهم" فهل هناك تشبيه أقبح وأشنع من ذلك؟!! إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

خامساً: التوسل البدعي.
التوسل: هو أن يتخذ الإنسان وسيلة توصله إلى مقصوده، فأصله طلب الوصول إلى الغاية المقصودة والتوسل من الدعاء ، والدعاء أعظم أنواع العبادة .والعبادة تقوم على أمرين عظيمين كما تقدم:
الأول: الإخلاص لله تعالى؛ والثاني: أن يكون العمل موافقاً لما شرعه الله تبارك وتعالى في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا اختل واحد من هذين الشرطين، لم يكن العمل صالحاً ولا مقبولاً؛ والإسماعيلية في التوسل قد خالفوا ذلك المنهج الحق، فالذي يقرأ صحيفة الصلاة يلحظ بأن ليس لديهم ضابط في قضية التوسل فيتوسلون بذوات المخلوقين، وجاههم وحقهم، ويتوسلون بالأموات في الجاهلية! ويتوسلون بالجن والحيوانات، والجمادات، وغير ذلك!!
وإليك أخي الحبيب نماذج من أقوالهم من خلال صحيفة الصلاة:
قال الهندي في دعاء ليلة القدر ص363 "اللهم إني أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين بحقك عليهم، وبحقهم عليك" [95] وفي دعاء التقرب ص99 أضاف علي بن الحسين، ومحمد الباقر وجعفر الصادق وإسماعيل، وعبد الله بن محمد وأحمد بن عبد الله والحسين بن أحمد ، وعبد الله المهدي ، ومحمد القائم ، وإسماعيل المنصور ...الخ ويتقرب بجاههم، وحقهم على الله.
ثم دعاء الصحيفة ص614 توسل بكل ما هب ودب فقال "اللهم إني أسألك ... بضوء النهار، بظلام الليل بنور القمر ،بشعاع الشمس بهفيف الشجر بدوي الماء بعلو السماء، بهيجان البحر ... بلغات الطير .... وبحرّ الصيف وبرد الشتاء ...وكبش إسماعيل وبناقة صالح، وبقميص يوسف وبحزن يعقوب ... وبما فوق الفوق وبما تحت التحت ... الخ" وفي الدعاء، في صلاة التهجد ص239 توسل إلى الله بمن ماتوا في الجاهلية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فتوسل بجد الرسول صلى الله عليه وسلم عبد المطلب وأبي الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله، وبعمه أبي طالب الذي لحق البعثة وأدرك الإسلام إلا أنه لم يُسلم؛ والغريب المضحك -وكل أمورهم كذلك- أنهم يتقربون إلى الله بالجن والشياطين والعفاريت !! فجاء في دعاء النصر والمهابة ، الذي نسبوه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كذباً وزوراً ص660 ما يلي "اللهم إني أسألك .... بحق المقري، والمغيشم، وشمشم، وبيشا، وهيشا، كبا، كبا، كبا، ينجلي، ينجلي، ينجلي .... الخ" وقد قال لي بعض الذين كانوا على معرفة بالسحر: إن هذه أسماء مردة الجن، ورؤسائهم وهي مذكورة حسب قوله في كتاب شمس المعارف فتأمل أخي رعاك الله في ذلك.
نقض مذهبهم:
قال علماء الإسلام: إنه عند الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ظهر أن هناك أربعة أنواع للتوسل شرعها الله تعالى وحث عليها وورد بعضها في القرآن الكريم، واستعملها الرسول صلى الله عليه وسلم وحض عليها وهي
1-التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ كأن يقول المسلم في دعائه "اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم اللطيف الخبير أن تعافيني" والدليل على ذلك قوله تعالىَ (لِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [96]
2-التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به العبد؛ كأن يقول المسلم في دعائه "اللهم بإيماني بك ومحبتي لك واتباعي للرسول اغفر لي أو يقول إني أسألك بحبي لمحمد وبإيماني به أن تفرج عني. والدليل قوله تعالى (رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) [97] وحديث أصحاب الغار، الذين انطبقت عليهم الصخرة، فتوسلوا إلى الله تعالى بصالح أعمالهم فتوسل الأول: ببره بوالديه، والثاني: بعفته من الزنا وتقواه والثالث: بأمانته فانفرجت عنهم الصخرة.
3-التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح، كأن يقع المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة فيذهب إلى رجل صالح تقي متبع للنبي صلى الله عليه وسلم غير مبتدع ولا ضال ملتزم بالكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة فيطلب منه أن يدعو له ربه ليفرج عنه كربه ويزيل عنه همه.
فهذا من التوسل المشروع الذي دلت عليه السنة، وفعله الصحابة رضي الله عنهم؛ ومن أدلة ذلك النوع أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يذهبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون: ادع الله أن ينزل علينا الغيث والمطر وقد ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة ثم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم كانوا يذهبون إلى عمه العباس رضي الله عنه أن يستسقي لهم.
4-التوسل إلى الله تعالى بذكر حال العبد وما هو عليه من فقر أو حاجة، ومنه قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)[98] وقول الله تعالى على لسان زكريا عليه السلام (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) [99] فهذه الأنواع هي المشروعة ، والتي دل عليها الكتاب والسنة واستعملها الرسول صلى الله عليه وسلم وحض عليها وليس في هذه الأنواع التوسل بالذوات أو الجاهات، أو الحقوق، أو المقامات، أو الحيوانات أو الجمادات، أو الجن، كما يفعل الإسماعيلية؛ ولا يجوز أن يدعى الله سبحانه إلا بالكيفية الواردة في الكتاب والسنة وقد ورد في الحديث الصحيح "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" [100] . وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" [101].

سادساً : العقول العشرة:
تعتقد الإسماعيلية بعقيدة غريبة، ودخيلة على الإسلام والمسلمين ولم يدل عليها القرآن الكريم
ولا السنة النبوية المطهرة ولم تأت على لسان أحد من أصحاب القرون المفضلة من أهل البيت ولا الصحابة ولا التابعين ولا تابع التابعين ولا سلف هذه الأمة؛ وتلك عقيدة مستوردة من فلاسفة اليونان، ولا صلة لها بالإسلام، وهي ما يسمونها بالعقول العشرة.
وإليك أخي رعاك الله أقوالهم من خلال صحيفة صلاتهم:
قال الهندي في دعاء صلاة قضاء الحوائج ص266 "أتوسل إليك اللهم بالعقل الأول ، وبتاليه ،وبالسبعة العقول التي تليه ، وبعاشرهم القائم مقام الأول" وقال في دعاء صلاة التهجد ص236 "ونتوسل إليك بأول موجود أوجدته ، واخترعته من نور وحدانيتك وبتاليه المنبعث من اللذين جعلتهما سبباً لكون الأشياء ، وعلة لوجودهاوقال في دعاء النصر والمهابة ص641 "اللهم إني أتوسل إليك بالمبدع الأول ، والمنبعث الأفضل ، وبذاتك الخفية وبصنعتك الإلهية وبالنفس الزكية الكلية ، وبالسبعة العقول ، وبالعاشر الممثول.
فما تلك العقول العشرة؟!! وما عقيدة الإسماعيلية فيها؟!!
إنني أجزم بأن أغلب الأتباع لا يعرف عنها شيئا، وإذا قرأها في تلك الأدعية والتوسلات لم يفهم منها شيئاً وهذا من الأدلة على بطلانها لأن دعاتها لم يبينوا تلك العقيدة لعامة أتباعهم لعلمهم أن عامة الناس على الفطرة، وعندهم مناعة -فطرية- فلا يصدقون تلك الفلسفات والخزعبلات ولا يستسيغونها مباشرة، ومن أراد التفقه منهم فإن عقولهم تُغسل وتهيأ لقبولها عن طريق التدرج في التضليل.
ولكني هنا ولضرورة المقام، سوف أُبيّن عقيدتهم في العقول العشرة بأسلوب مبسط حتى يُفهم وبعيداً عن مصطلحاتهم الفلسفية وسفسطتهم المعقدة:
يزعمون أن الله تعالى خلق العقول العشرة، ويسمونها عالم الأمر أو العالم الروحاني أو النوراني ثم اختلفوا اختلافاً كبيراً في كيفية خلق الله لتلك العقول كما جاء ذلك في كتاب كنز الولد ص33، 39 فمنهم من يقول : خلقها واحداً واحداً حتى العاشر ، ومنهم من يقول : بل خلقها جملة واحدة. ومنهم من يقولبل كان هناك خطيئة ، ومنهم من ينكر تلك الخطيئة؛ وهذا الاختلاف في عقيدة أساسية في مذهبهم، ويقوم عليها معتقدهم دليل واضح على أنها دخيلة على الإسلام وغير مستقاة من القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة ولو جاء بها الوحي المطهر لم يحصل فيها مثل هذا الاختلاف فضلاً عن إنكار علماء وعامة المسلمين لها وصدق الله حيث قال (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا[102] ثم قالوا: إن هذه العقول العشرة كانت في غفلة وحيرة من أمرهم ،من الذي خلقهم؟ وكيف خلقهم؟ ولماذا؟ وبينما هم في حيرة من أمرهم، إذا بالعقل الأول ينهض من بينهم ويقرر قراراً ويعلن إعلاناً أن هناك خالقاً خلقنا، وأنه لا يُدرك ولا يُحاط
وأن هذه العقول ليس لها شيء في الألوهية، وأن الله هو المتعالي سبحانه وحده؛ سمعه وفطن له اثنان من العقول فصفقا له، فقلدهما السبعة الآخرون فصفقوا تصفيقاً حاراً وهم لا يدرون لماذا يصفقون!!

وقالت الإسماعيلية :
إن العقل الأول استحق بسبب قراره الحكيم مرتبة الألوهية ،فهو الله وهو الخالق وهو الباري وهو المصور المحيي المميت السميع البصير .... الخ" انظر كنز الولد ص 47 -49. قالوا: إن للعالم إلهين وخالقين: الإله الأول: الذي خلق العقول العشرة جميعاً وأبدعها والذي اعترف به العقل الأول اعترافاً رسمياً؛ والإله الثاني: الذي هو العقل الأول الذي هو الله الخالق الباري المصور وقد نهانا المولى عز وجل أن نتخذ إلهين اثنين فقال تعالى (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [103] ونعود على الاثنين الذين سمعا وفطنا للعقل الأول، ماذا فعلا؟
وقالت الإسماعيلية :
إن هذين العقلين سمعا وفطنا للعقل الأول وقراره الحكيم وفطنا له فقاما وتسابقا إليه فسبق أحدهما الآخر (ولعله الأطول) ووصل إلى نقطة النهاية والمنصة فوجد العقل الأول أمامه فعظّمه ، وشهد بما شهد به الأول واعترف أيضاً بالعقل الأول فاستحق بفوزه شهادته واعترافه ، مرتبة أول عالم الأمر. ويسمونه المنبعث الأول أو العقل الثاني أو النفس أو التالي وغيرها؛ أما الثاني فوصل المنصة متأخراً ، ووجد أمامه العقل الأول (السابق الأول ) والعقل الثاني (التالي ) فقام وعظم العقل الأول وسبحه وقدسه تقليداً للعقل الثاني (التالي) إلا أنه رفض أن يعترف بالنتيجة وسبق الثاني عليه ، فلم يعترف بفضله وسبقه؛ (ومع الأسف فإنه لم يكن هناك لجنة عليا للتحكيم إذ لا يوجد أصلاً إلا هؤلاء الثلاثة) فكان ذلك التصرف سبب نقصانه وطُرد من العالم الروحاني وجعل في المرتبة السفلى. انظر كنز الولد ص63 ، 66. ثم بعد ذلك قام المتعالي والذي يسمونه المبدع ، والذي أوجد العقول العشرة ثم احتجب في العقل الأول (السابق الأول) والذي جعلوه الله الخالق ، فصار إلهين في زعمهم في جسم واحد ثم قام المتعالي والعقل الأول واحتجبا في العقل الثاني (التالي) أي حلا بذاتهما في ذاته.
وأما بالنسبة للعقول السبعة الأخرى ، فإنها لا تزال في حيرتها ، ولا تدري عما حصل ولا ما يدور حولها فقام العقل الثاني (التالي) ودعاهم للاعتراف به رسمياً، وكذلك الاعتراف بالعقل الأول والمتعالي الذين شكلوا تحالفاً ثلاثياً وحلوا في العقل الثاني وخولوه بالتحدث باسم التحالف فقامت العقول السبعة بالاعتراف بهم بدون قيد أو شرط فكانت مراتب متقاطرة الأول فالأول وهي التي يشار إليها بالعقول السبعة الانبعاثيةانظر كنز الولد : 68 ثم قامت العقول السبعة بمصالحة ووساطة بين المنبعث الأول (العقل الثاني) وبين المنبعث الثاني الذي رفض الاعتراف بنتيجة المسابقة وقد نتج عن تلك المصالحة ما يلي:
1-أن المنبعث الثاني اعترف بنتيجة المسابقة وأقر بفضل وسبق المنبعث الأول.
2-أن المنبعث الأول قام برفع مرتبته فجعله ثانياً في الانبعاث وثالثاً في العدد وعاشراً في الرتبة.
انظر كتاب كنز الولد ص78 وما بعدها .
وهذه ثلاث مراتب متناقضة.
ثم قالوا عن العقل الثاني (التالي) له نفس صلاحيات وخصائص العقل الأول (السابق (الذي هو الخالق الباري المصور الرازق المحيي المميت، فالعقل الثاني له نفس الخصائص ولا فرق بينهما إلا برتبة السبق فقط انظر كنز الولد ص72 وهذا قول ثاني بتعدد الآلهة -يشابه قول النصارى إن الله ثالث ثلاثة- والله سبحانه يقول (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) [104]
نقض مذهبهم وبيان بطلانه:
إضافة لما سبق نرد عليهم رداً مختصراً في عدة نقاط وكما يقال كفاك من الشر سماعه:
1-إن هذه العقيدة لم يأت بها القرآن الكريم ولا السنة النبوية المطهرة وكل مسلم عنده أدنى تمييز ومعرفة يعلم ذلك ولم تُذكر أو تُنقل عن أهل البيت ولا الصحابة ولا التابعين ولا أئمة الدين ،وما كان هذا شأنه فالجدير تركه وإهماله.
2-أن هذا العقيدة تصادم القرآن الكريم وتناقضه وتخالف العقيدة الصحيحة والمبادئ العامة للإسلام وأصول الدين التي دعا إليها الوحي الإلهي المطهر.
3-مما يدل على أنها دخيلة على الإسلام ،وعلى شريعة محمد صلى الله عليه وسلم تناقض أصحابها والقائلين بها فالداعي (الكرماني) له قول ، بل له قولان متناقضان في كتابه راحة العقل ،والداعي (الحامدي) له أقوال (وإخوان الصفا) لهم أقوال كما نقل ذلك الاختلاف الداعي الحامدي في كتابه كنز الولد ص33 وما بعدها فلو كانت عقيدة صحيحة ومستمدة من القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم ومنقولة عن الأئمة من أهل البيت لما وجدنا ذلك الاختلاف الكبير مع أنها عقيدة أساسية يقوم عليها مذهب الإسماعيلية وتأويلاتهم الباطنية.
4-أن هذه العقيدة من الأمور الغيبية ، والتي لا مجال للعقل لإثباتها أو الخوض فيها إلا عن طريق الوحي الإلهي كالجنة وما فيها من نعيم والنار وما فيها من عذاب وأسماء الله الحسنى وصفاته العُلا وغيرها من الأمور الغيبية التي لا سبيل إلى معرفتها والعلم بها إلا عن طريق الوحي وعقيدة العقول العشرة لم يأت بها الوحي ولم يصدقها العقل.
5-مما يدل على بطلانها معرفة جذورها ،ثم معرفة كيفية دخولها على المسلمين؛ وقد بين العلماء والباحثون المتخصصون أن عقيدة العقول العشرة والتي تسمى نظرية الفيض دخيلة على الإسلام، ومن غثاء فلاسفة اليونان؛ فقال أحد الباحثين المحققين: "إن المصدر الأول لهذه العقيدة والتي تسمى بنظرية الفيض إنما هو أفلاطوني إلا إنهم جمعوا في هذه النظرية آراء أفلاطون إلى آراء أرسطومن أفلاطون إلى ابن سيناء – د / جميل صليبيا 97 وقال في تاريخ الفلسفة العربية ص 235"المصدر الأساسي لأصحاب تلك النظرية هو كتاب التساعيات لأفلاطونثم قال ص150 "نظرية الفيض مستمدة من الفلسفة الأفلاطونية الحديثةفهذه العقيدة أو النظرية دخيلة على الإسلام، ولم تذكر في الكتب السماوية لا التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن الكريم ولم تأت على لسان نوح ولا إبراهيم ولا موسى ولا محمد صلى الله عليه وسلم؛ ومما يؤكد ذلك أن دعاة الإسماعيلية أنفسهم عند عرضهم لهذه العقيدة، وشرحهم لها في كتبهم لم يقولوا: قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يقولون: قال الفلاسفة كذا، وعلى رأي الفلاسفة كذا، وقال الحكماء اليونانيون كذا انظر كتاب كنز الولد 33 ، 76 ، 134 ، 136 ، 153 .
والخلاصة: إن الفلسفة دخيلة على الإسلام والمسلمين، وقد عمل كل من ابن سيناء والداعي السجستاني وإخوان الصفا وغيرهم من الإسماعيلية على إدخال غثاء الفلاسفة وزبالة أذهانهم وسفسطاتهم إلى المسلمين بل حاولوا التوفيق بينها وبين نصوص الشرع، فلووا أعناق النصوص الشرعية ليستدلوا بها على أفكار الفلاسفة ويصبغونها بالصبغة الشرعية وقد سُئل أحد الإسماعيلية عن عقيدتهم فقال: عقيدة الفلاسفة تركونا معلقين بين السماء والأرض، لا نحن في السماء ولا نحن في الأرض وقد صدق في هذا الوصف ،وقد سبقه إلى هذا الإقرار علماء أهل الكلام (الفلاسفة) وعلى رأسهم الرازي وكان مشتغلاً بعلم الكلام حيث قال:

نهاية إقدام العقول عقال *** وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا *** وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا *** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
فكم قد رأينا من رجال ودولة *** فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شُرُفاتها *** رجال فزالوا والجبال جبال

ثم قال: لقد تأملت الطرق الكلامية ، والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً ، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[105] (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ[106] وأقرأ في النفي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[107] (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا[108] ثم قال: ومن جرب مثل جربتي عرف مثل معرفتي.
وكذلك قال الشيخ أبو عبد الله الشهرستاني وكان إماماً في الفلسفة: إنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم حيث قال :
لعمري لقد طفت المعاهد كلها *** وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أرَ إلا واضعاً كف حائر *** على ذقن أو قارعاً سنَّ نادم
فيا ليت قومي يعلمون

6-أن هذه العقيدة قد بين العلماء المحققون تهافتها وبطلانها وفسادها فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن هذه العقول إنما توجد في الذهن لا في الخارج وإن أكثر المتكلمين قالوا : انتفاء هذه معلوم بضرورة العقل" وقال العلامة ابن خلدون في مقدمته: "إن هذا الذي ذهبوا إليه باطل بجميع وجوهه" وقال الإمام الغزالي عن هذه العقيدة "ما ذكرتموه تحكمات وهو على التحقيق ظلمات لو حكاه إنسان في نومه عن منام رآه لاستدل به على سوء مزاجهوصدق في هذا القول عفا الله عنه. ومن المعلوم أن هذه العقيدة الباطلة الفاسدة، هي أصل معتقدهم وأساس منطقهم وقاعدة تصورهم وهي كما سبق مبنية على اعتقادات شركية وأقوال وثنية، ومقالات جاهلية وإذا كان هذا هو الأساس فما هو الظن بما بُني على ذلك من عقائد وعبادات.
اللهم اهدِ قومي فإنهم نعم القوم ونعم العشيرة إلا أن أكثرهم لا يعلمون اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه أنك على كل شيء قدير.

سابعاً : تفضيل الأئمة على الأنبياء والرسل -عليهم السلام-
من عقائدهم الشاذة التي تخالف الكتاب والسنة وتخالف ما عليه إجماع المسلمين وكذلك اليهود والنصارى وتخالف العقل تفضيلهم للأئمة على الأنبياء والرسل- عليهم السلام- الذين اصطفاهم الله من بين البشر، وخصهم بكلامه ووحيه وأنزل عليهم الكتب السماوية وتحملوا الرسالة وبلغوا الأمانة، ونصحوا الأمة وجاهدوا في سبيله حق جهاده.
وحتى لا يكون الكلام جُزافا ودعوى بلا دليل وتهمة بلا إدانة .
إليك أخي الكريم أقوالهم من خلال كتبهم؛ جاء في صحيفة الصلاة في ص56 في صفة الأذان ما يلي " محمد وعلي من خير البشر وعترتهما خير العتر ، محمد وعلي خير البشر، عترتهما خير العتر" ويرددون هذا القول في الأذان كل يوم ثلاث مرات، ومنهم من يجهر به، ومنهم من يُسر به.
والشاهد من كلامهم هو تفضيل علي رضي الله عنه على جميع البشر وفي هذا تفضيله على الأنبياء والرسل الذين اصطفاهم الله تعالى برسالاته ومنهم أولوا العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى -عليهم السلام- وجاء في صحيفة الصلاة أيضاً قول الهندي في دعاء ليلة القدر ص365 في مدح محمد بن إسماعيل بن جعفر: "وبولده سابع الأتمّاء الذي علا وانتهى ، محمد خير من مشى على الغبراء" ولا شك بأن من انتهى إلى علو الشرف والفضل، وخير من مشى على الأرض أنهم الأنبياء والرسل -عليهم السلام- وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وحتى لا ينخدع الإنسان، بتأويلهم وتحريفهم وتمويههم على العقول فإليك أقوال أئمتهم ودعاتهم السابقين والتي تدل على أن الهندي صاحب الصحيفة، يسير على خُطا أجداده الأوائل فهذا الداعي علي بن سليمان بن الحسن الهندي يقول في كتاب إسعاف الطالب في جمع المطالب في ص113 "إن علياً رضي الله عنه خير من نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام" فصرح بالتفضيل ، ويصرح بأسماء الأنبياء والرسل أولي العزم -عليهم السلام- بل يقول إن الحسن والحسين رضي الله عنهما أفضل وأشرف من أولي العزم من الرسل -عليهم السلام- ويقول الداعي النيسابوري في كتاب إثبات الإمامة ص85 ما نصه: "إن كل من تقدم على علي رضي الله عنه من الأنبياء والرسل -عليهم السلام-إنهم عبيد له وعماله ودعاته!!"
نقض مذهبهم:
قد دلت الآيات الكثيرة على اصطفاء الله تعالى لرسله -عليهم السلام- واجتباهم، قال تعالى (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [109] فالله سبحانه وتعالى اختار الرسل عليهم السلام اختياراً واصطفاهم اصطفاءً، وذلك لتبليغ رسالاته.
وقولهم قدح في حكمة الله وتدبيره وعلمه: إذ كيف يُعقل أنه سبحانه يختار ويصطفي هؤلاءِ الأنبياءِ -عليهم السلام- من بين خلقه ويحملهم الرسالة وهناك من هو أفضل منهم وأجدر؟! وقد رتب الله عباده السعداء المنعم عليهم أربع مراتب وأولهم الأنبياء فقال تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [110]
فأفضل أولياء الله الأنبياء وأفضل أنبيائه هم المرسلون وأفضل المرسلين أولوا العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وأفضل أولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياءِ أفضل من الصديقين والشهداء والصالحين.
بينما الإسماعيلية تعتقد أن علياً والحسن والحسين رضي الله عنهم أعلى وأفضل من النبيين وهذا مخالف للقرآن والعقل وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق على صحته "لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى -عليه السلام-"[111] أي لا ينبغي لأحد أن يفضل نفسه على يونس -عليه السلام- فكيف يصح لهؤلاء الإسماعيلية أن يفضلوا الأئمة على الأنبياء عليهم السلام؟ والله سبحانه وتعالى قد ذكر نوحاً -عليه السلام- باسمه في ثلاث وأربعين آية من القرآن الكريم؛ وورد ذكر إبراهيم -عليه السلام- في تسع وستين آية وهو خليل الرحمن، وعندما ألقي في النار قال الله تعالى (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [112] وموسى -عليه السلام- كليم الرحمن، الذي خاطبه الله سبحانه وتعالى مباشرة قد ورد اسمه في القرآن الكريم في ست وثلاثين ومائة آية؛ وعيسى -عليه السلام- ورد اسمه صراحة في القرآن الكريم خمساً وعشرين مرة، وهو كما أخبر الله عنه يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ويخلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله ويحيي الموتى بإذن الله؛ و محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي ذكر اسمه صراحة (محمد) أربع مرات في القرآن الكريم: وأعطاه الله المعجزة الكبرى -القرآن الكريم- الخالدة إلى يوم القيامة وصاحب الإسراء والمعراج وغيرها.
فكيف تفضل الإسماعيلية علي بن أبي طالب والحسن والحسين -رضي الله عنهم- وغيرهم من الأئمة الذين لم يُذكروا في القرآن الكريم بأسمائهم على هؤلاء الأنبياء والرسل عليهم السلام؟! نعم علي وأبناؤه الحسن والحسين رضي الله عنهم لهم مكانتهم الرفيعة بين أولياء الله وحبهم إيمان وبغضهم نفاق، ولكن لا يصل حبهم إلى رفعهم فوق درجة البشرية ، أو تفضيلهم على الأنبياء والرسل -عليهم السلام.
فيا أيها المتشيعون لأهل البيت وأنتم هؤلاء تسمعون تفضيل الإسماعيلية للأئمة على أنبياء الله ورسله
أين التشيع لله؟! أين التشيع لأنبياء الله ورسله أين التشيع لخاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله سيد ولد آدم وأفضلهم؟!
فاتقوا الله في أنفسكم، فإن الغلو محرم شرعاً ويعمي ويصم ويجر صاحبه إلى المروق من الدين كما يمرق السهم من الرمية وقد قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) [113] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" [114]
ولا يخفى على كل عاقل أن مثل هذه الأمور لم تكن معروفة ولا معلومة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي -رضي الله عنهم- والصحابة كانوا حريصين كل الحرص على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ونقل أقواله وأفعاله وقد نقلوا لنا صفة الأذان وليس فيها محمد وعلي خير البشر وعترتهما خير العتر ولا سيما أن الأذان مرتبط بالصلاة المفروضة في اليوم والليلة خمس مرات فالأذان يعلن ويجهر في كل مسجد، وفي كل مكان وليس من الأمور التي يمكن أن يدخل فيها الشك أو اللبس ولكن عندما اختلف علي مع معاوية -رضي الله عنه- مع أن الحق مع علي -رضي الله عنه- وهو صاحب الأجرين لكونه مجتهد مصيب والطائفة الأخرى مجتهدون مخطئون وانقسم المسلمون إلى طائفتين ثم اتجهت كل طائفة مع مرور الزمن للبحث عن أمور ومبررات كهذه تضفي شرعيتها وتضمن تأييد الناس لها إلا أن شيعة علي -رضي الله عنه- في وقته ومن بعده قد غلوا في ذلك الأمر فزعموا أن علياً -رضي الله عنه-أفضل من جميع الصحابة ثم تطور بهم الحال على أن زعموا أنه أفضل من الأنبياء والرسل -عليهم السلام- ثم زعموا أنه مخلوقٌ قبل آدم وأنها لا تقبل نبوة نبي ولا رسالة رسول إلا بالإقرار بولاية علي ووصايته ...الخ؛ ثم قاموا بإدخال تلك الأمور البدعية في عباداتهم في دعاء الوضوء والأذان والتشهد ... الخ؛ مع أنها شعارات سياسية ودعايات مذهبية، لم تكن معروفة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ويدلك على ذلك قولهم وعترتهما خير العتر فلم يكن لعلي عترة في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في وقت أبي بكر ولا عمر ولا عثمان، وإنما حدثت بعد الخلاف بينه وبين معاوية؛ والأذان عبادة، والعبادة توقيفية على ما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيجب أن نصلي كما كان الرسول يصلي، ونحج كما كان الرسول يحج وكذلك جميع أنواع العبادة ولا نُخِضع عباداتنا لأهوائنا وانتماءاتنا المذهبية والسياسية وقد قال صلى الله عليه وسلم "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" [115].
 ثامناً : إنكارهم موت الأئمة :
من عقائد الإسماعيلية الغريبة اعتقادهم بعدم موت الأئمة وأنهم أحياء!! قال صاحب الصحيفة في دعاء ختمة قبورية للطفل ص180 "والمسيح عيسى المرفوع شبهه على الصليب وما قتله اليهود وما صلبوه وفي رسول الله أسوة حسنة مضى إلى جنة الخلد وفي وصية محتجب شبهه المتحرك لابن ملجم فقتله في السجود ، وفي البتول بضعة الرسول في عنفوان شبابها شبهها غدى ملحود وفي الحسن المسموم وليس بمسموم وفي الحسين الشهيد وليس بقتول بأيدي الفجرة القرود.." في هذا النص ينكر الهندي موت علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويقول إنما تمثل شبيهه وتحرك لابن ملجم فقتله، وأما علي الحقيقي فلم يقتل ولم يمت!!
وهذا مضاهاة منهم لقصة عيسى بن مريم -عليه السلام-حيث قال: والمسيح عيسى المرفوع شبهه على الصليب وما قتلوه وما صلبوه اليهود" وهذا صحيح بنص القرآن الكريم، فغلت الإسماعيلية في علي -رضي الله عنه- وأنكروا موته وقتله وزعموا أن ابن ملجم ألجمه الله بلجام من النار لم يقتل علياً رضي الله عنه وإنما تمثل له شبيهه فقتله.

وهذا غير صحيح كما سيأتي.
وزعموا أيضا أن فاطمة رضي الله عنها لم تمت ولم توضع في اللحد وان الحسن رضي الله عنه لم يمت أصلاً وأن الحسين رضي الله عنه لم يُقتل وصرح الداعي إدريس عماد الدين القرشي في كتابه زهر المعاني بتحقيق د / مصطفى غالب في ص225 بتلك العقيدة حيث زعم أن علياً رضي الله عنه قال: "يا جنب ويا سلمان إن ميتنا لم يمت ، وقتيلنا لم يقتل ، ولا نلد ولا نولد" ثم علل ذلك بقوله: لأنهم من روح الله؛ ومما يؤكد هذه العقيدة الغريبة ما قاله أيضاً صاحب الصحيفة في دعاء التقرب ص99-100 وكذلك في دعاء صلاة قضاء الحوائج ص269 "أتقرب إليك .. بالأئمة الطاهرين الثلاثة المستورين خوف أعدائك الظالمين أمراء المؤمنين عبد الله بن محمد (بن إسماعيل بن جعفر الصادق) وأحمد بن عبد الله والحسين بن أحمد وبالمحتجبين بهؤلاء الثلاثة والممدين لهم مولانا يعلى ومولانا أبي طالب ومولانا علي"
وليُعلم أن دعوى الإسماعيلية في علي رضي الله عنه أنه لم يمت وأن شبهَهَ هو الذي تحرك لابن ملجم إنه دعوى السبيئة أتباع عبد الله بن سبأ في وقت علي رضي الله عنه فإن القمي وهو من قدماء مؤلفي الشيعة في كتابه المقالات والفرق ص19 ، 20قال عن السبئية:
"وقالت هذه الفرقة : إن علياً لم يقتل ولم يمت ولا يموت حتى يملك الأرض ، ويسوق العرب بعصا ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وقالوا للذي نعاه : كذبت يا عدو الله لو جئتنا والله بدماغه ..فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك ولعلمنا أنّه لم يمت ولم يقتل"
وبهذا يتضح تطابق العقيدة الإسماعيلية مع عقيدة السبئية ، بل يتضح أنهم أتباع السبئية وحملة عقائدها وأفكارها؛ ولو كان علي رضي الله عنه حياً لقتلهم كما أحرق السبئية.
فيا ليت قومي -وهم أهل النخوة والشجاعة- يعلمون .

وقد ترتب على عقيدتهم أنهم أصبحوا يدعون هؤلاء مع الله ويستغيثون بهم، ويلجؤون إليهم ويصرفون تلك العبادات لهم من دون الله وهذا ما جاء الإسلام لمحوه وإبطاله وإخراج الناس من أدرانه بل كل نبي ما جاء إلا لإخراج الناس من الشرك ودعوتهم إلى الإيمان الصادق والعبادة الخالصة لله وحده دون سواه.
نقض مذهبهم:
إن قولهم باطل ، ومخالف للنصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والإجماع والعقل قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [116] وقال تعالى (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) [117] وقال تعالى (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [118] والرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق قد مات كما مات غيره من الأنبياء وغيرهم قال تعالى (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) [119] وقال تعالى مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [120] والإسماعيلية تقول إن علياً رضي الله عنه لم يمت ولم يقتل ،وكذلك الحسن والحسين رضي الله عنهما وكذلك أئمتهم ودعاتهم وأنهم يمدونهم ويلحظونهم ويسيّرون أمورهم والأموات وإن أسمعهم الله كلام الأحياء فإنهم لا يجيبون دعاءهم ولا استغاثتهم بهم قال تعالى على لسان المسيح -عليه السلام- (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [121] فدل ذلك على أنه -عليه السلام- لا علم له بما صدر وجرى بعد وفاته وأنه إنما يشهد بما كان منهم مدة حياته وبقائه فيهم ولا يعلم سواه؛ ورسولنا صلى الله عليه وسلم قد مات كما مات غيره من الأنبياء والرسل ودل على ذلك القرآن الكريم قال تعالى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [122] ومن شك في موته فقد كفر، ومن زعم أنه حي في قبره كحياته في الدنيا فقد أعظم الفرية فإن الصحابة رضي الله عنهم قد غسّلوه وكفّنوه وصلّوا عليه وقبروه كما يفعل بغيره من الأموات؛ وعند الفتن كما حصل في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهم لم يذهبوا إلى قبره لاستشارته أو سؤاله في المخرج من تلك الفتن ولو كان حياً كحياته في دنياه لما أهملوا ذلك وهم في ضرورة إلى من ينقذهم مما أحاط بهم من البلاء.

تاسعاً : الترحم والاستغفار للمشركين ومن مات قبل البعثة والتوسل بهم .
من عقائدهم الغريبة التي خالفوا فيها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وإجماع السلف والخلف من علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم ترحمهم واستغفارهم للذين ماتوا قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وثبت بالأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم ماتوا على ملة عبد المطلب مثل أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي كان يحميه ويذب عنه ، إلا أنه رفض أن يُسلم
وإليك أخي رعاك الله أقوالهم من خلال صحيفة الصلاة : قال الهندي في دعاء الصحيفة الذي نسبه -كذباً وزوراً- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء فيه 618 ، 621 "اللهم اغفر لي ولوالدي وأولادي...." وقال الهندي في عوذة يوم الثلاثاء ونسب تلك العوذة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- زوراً وبهتاناً ص512 "أعيذ نفسي واهلي ووالدي وولدي وداري .... بربي الأكبر" وكذلك ص494 ، 495 ، 513 ، 532 ، 552 ، 517 . فهل يُعقل أن يُعيذ علي بن أبي طالب أباه بالله وهو لم يسلم؟! ولم يقل: لا إله إلا الله! وقال في دعاء يوم الجمعة ونسبه لعلي بن أبي طالب -كذباً وزوراً- وارحمني وأولادي ووالدي كما ربياني صغيراً يا أكرم الأكرمين" فهل من المعقول أن يترحم عليُّ -رضي الله عنه- على أبيه وهو قد مات على الشرك والعياذ بالله؟

نقد مذهبهم وبيان بطلانه:
جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "استأذنت ربي أن استغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزورها فأذن لي" [123]فزارها للاعتبار، وبكى، وبكى من حوله من الصحابة .
وثبت في الحديث الصحيح أن رجلاً قال : يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار. فلما قفّى دعاه فقال: "إن أبي وأباك في النار" [124] فهل يُعقل أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعصي ربه ويستغفر لوالديه وهما ماتا قبل البعثة ويترحم عليهما؟ وهذه الأدعية التي اختلقها الهندي في صحيفة الصلاة ونسبها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم -كذباً وزوراً- تصادم الآيات وتخالف الأحاديث الصحيحة وإجماع علماء المسلمين وحاشا رسول الله أن يخالف أوامر الله ويقع في ما نهى الله عنه .وجاء في الحديث الصحيح أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني عبد المطلب لا أُغني عنكم من الله شيئاً يا عباس بن عبد المطلب لا أُغني عنك من الله شيئاً يا صفية عمة رسول الله لا أُغني عنك من الله شيئاً يا فاطمة بنت رسول الله سليني من مالي ما شئتِ لا أغني عنك من الله شيئاً" [125] وأما عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طالب ،فقد جاء في الحديث الصحيح أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أُمية وأبو جهل فقال له: "يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أُحاج لك بها عند الله ،فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاستغفرن لك ما لم أُنه عنه فأنزل الله عز وجل: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [126] وأنزل الله في شأن ابي طالب قوله (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [127] وقد روي أن أبا طالب قال:

ولقد علمت بأن دين محمد *** من خير أديان البرية ديناً
لولا الملامة أو حذار مسبة *** لوجدتني سمحا بذاك مبيناً

وقد دعا الخليل إبراهيم – عليه السلام- لأبيه، واستغفر له كما قال تعالى (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) [128] وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لعمه أبي طالب اقتداء بإبراهيم وأراد بعض المسلمين أن يستغفروا لبعض أقاربهم فأنزل الله تعالى قوله (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [129] ثم ذكر الله عذر إبراهيم -عليه السلام- فقال تعالى (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [130] فأبو إبراهيم لما مات مشركاً ،لم ينفعه استغفار إبراهيم ،مع عظم جاهه وقدره عند الله؛ وقد قال تعالى للمؤمنين (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [131] فقد أمر الله تعالى المؤمنين بأن يتأسوا بإبراهيم ومن اتبعه إلا في قول إبراهيم لأبيه (لَأَسْتَغْفِرَنَّ) فإن الله لا يغفر أن يشرك به فكيف بعد هذا يترحمون ويستغفرون لأبي طالب؟! وهو أبى أن يقول لا إله إلا الله ومات على ملة عبد المطلب .
وقد يشك قومنا في الآيات التي ننقلها من القرآن الكريم ،الذي هو كلام الله تعالى والذي تكفل الله بحفظه وتلك الأحاديث الصحيحة التي نوردها ولا يطمئنون إلا لكتبهم وأقوال دعاتهم [132].

ولأجل ذلك نورد كلام القاضي النعمان ، قاضي قضاتهم -كما يسمونه- وصاحب كتاب دعائم الإسلام، فهو يقول: إن أبا طالب مات على الشرك ، حيث قال في كتابه اختلاف أصول المذاهب ص146 "وهذا أبو طالب بن عبد المطلب ، سيد قريش وأفضلها وأرفعها مكانة من رسول الله وبه أيده الله تعالى ونصره في بدء أمره ومن أجله توقفت قريش عن قتله وبسط الأيدي بالمكروه إليه وقد عرف من فضل رسول الله ما عرفه وعلم من صدقه ما علم ، وأيقن أن الحق هو الذي جاء به ويروى عنه أنه قال وقد نظر في أمره وتدبر في فعله: إنني أعلم الذي جاء به محمد هو الحق ولكن أكره أن تعلموا ثني رأسي يعني سجوده في الصلاة"
فيا قومنا إذا لم تقتنعوا بكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ولم تجعلوا لكلامهما وزناً ولا تعظيماً فاقتنعوا بكلام قاضيكم النعمان!! والعجيب -وإن تعجب فعجب قولهم- أنهم لم يكتفوا بالاستغفار لهم بل توسلوا بهم عند الله كما جاء في صحيفة الصلاة في الدعاء الرابع في صلاة التهجد ص239 ، 268 حيث قالوا "نتوسل إليك بموالينا الثلاثة السفراء مولانا عبد المطلب ومولانا أبي طالب ومولانا عبد الله" فكيف يتوسل الهندي وأتباعه بمن علم قطعاً بالأحاديث الصحيحة أنهم ماتوا في الجاهلية على ملة عبد المطلب.؟! وبعضهم كأبي طالب لحق البعثة إلا أنه لم يسلم ، إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [133]
نسأل الله السلامة والعافية.


عاشراً : البناء على القبور وتجصيصها وإنارتها .
إن رفع القبور والبناء عليها ، ووضع القباب والسقف عليها ، وتجصيصها وإنارتها بدعة من البدع بإجماع السلف الصالح من لدن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وعلماء وأئمة الدين إلى عصرنا الحاضر. وقد خالف ذلك الإسماعيلية كما جاء في صحيفة الصلاة فقال مؤلفها في ذكر الدفن والقبور ص168 "ورخص في أن يجصص ( القبر ) ويبيض ويسقف عليه بسقف" ومن رأى مقابرهم في بمباي وأحمد أباد وبرودا بالهند ، يرى عليها الأبنية الضخمة على شكل غرف أقلها مساحة ستة عشرا متراً، أما قبور الدعاة فأكبر من ذلك بكثير وعليها قبب ضخمة والقبر ذاته مرفوع متراً من على الأرض ومغطى بالقماش الأخضر الفاخر ثم الأسود الحرير المطَّرز عليه آيات قرآنية باللون الذهبي تشبيهاً بالكعبة المشرفة ومزخرف ومجصص ومكتوب عليه اسم صاحب القبر وتاريخ وفاته، وتلك الغرف موصل لها التيار الكهربائي ومعلق في سقفها المراوح الكهربائية ...... الخ، إضافة إلى ذلك عند كل قبر صندوق لوضع القربات ونحوها.

الرد عليهم:
لا يجوز البناء على القبور، ولا الكتابة عليها ولا تجصيصها ولا إنارتها ولا جعل القبب والسقوف عليها لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فجاء في الحديث الصحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه" [134] وفي رواية أخرى "وأن يكتب عليه" [135] ولما ثبت في الحديث الصحيح أن علياً رضي الله عنه في وقت خلافته قال لأبي الهياج السدي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ، ولا تمثالاً إلا طمسته" [136] وفي هذه الأحاديث الصحيحة دلالة واضحة على تحريم البناء على القبور وتحريم رفعها وتجصيصها والكتابة عليها؛ فأين التشيع الصادق لعلي رضي الله عنه؟! هل يكون بمخالفته أو موافقته؟! وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لعن الله زوارات القبور ، والمتخذين عليها المساجد والسرج" [137] وفي هذا الحديث تحريم اتخاذها مساجد وإضاءتها بالسرج والكهرباء، وفي رفع القبور فتنة عظيمة ، وهي مكيدة من مكائد الشيطان ،وقد كاد بها من قبلنا من الأمم فقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن آلهة قوم نوح -عليه السلام- التي اتخذوها من دون الله وهي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا كانوا قوماً صالحين من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم ويؤيد هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ذكرت له أم سلمة رضي الله عنها كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور ،فقال صلى الله عليه وسلم" أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله" [138] .
وقال صلى الله عليه وسلم في مرض موته كما جاء في الحديث الصحيح "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإنما أنهاكم عن ذلك" [139].
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته "لعنة الله على اليهود والنصارى فقد اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" [140] ففي هذه الأحاديث الصحيحة وغيرها لعن الرسول صلى الله عليه وسلم من رفع القبور ووضع القبب والمساجد عليها ونهى عن ذلك وبعث من يهدمها وجعل ذلك من فعل اليهود والنصارى؛ وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" [141] ورفع (القبور) وبناء القبب عليها ليس عليه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وقد يقول قائل منهم: إننا في الجزيرة وخصوصاً في منطقتنا لا نرفع القبور ولا نبني عليها ولا نزخرفها، وأقول: صدقت ، إنكم في الوقت الحاضر ولأسباب معروفة لا تفعلون هذا؛ ولكن هذا هو ما عليه المذهب الذي أنتم تسيرون عليه كما أشار إلى ذلك صاحب صحيفتكم وهو ما طبق في الهند والسند على أرض الواقع عندما سنحت الفرصة لأتباع المذهب هناك وهي تُرى هناك واضحة، فلو كان المناخ ملائماً للإسماعيلية في الجزيرة مع قدرتهم المادية لبنوا على الدعاة بناء ضخماً ومشاهد عظيمة، وصرفوا عليها من بيت مال دعوتهم الأموال الطائلة لأن ذلك مما يدعو إليه مذهبهم ويحث عليه ويعتبر فعله من أحسن القربات ويجعل ما يلحق بذلك من زيارات بدعية وأدعية شركيه من أفضل الأعمال وكنا نسمع وإلى وقت قريب أن بعض كبار السن يُنجف -كما يقال- بمعنى أنه يسافر ويشد الرحال إلى مدينة النجف بالعراق لزيارة القبور والأضرحة والمشاهد هناك ولا شك بأن هذا العمل محرم في الإسلام لقول الرسول "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" متفق على صحته. [142]

الحادي عشر : عجائب وغرائب.
صحيفة الصلاة فيها الكثير والكثير من العجائب والغرائب التي تناقض الدين وتخالف العقل ولا شك أن أكثر من انخدع سينكرها بالعقل وبقايا الفطرة ومنها ما يلي:
1-أسماء الله عز وجل توقيفية لا مجال للعقل فيها وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة؛ ومن الأسماء الغريبة التي جاءت في صحيفة الصلاة وهي لم تثبت بالكتاب ولا بالسنة أنها أسماء لله تعالى ما يلي:
في ذكر شهر صفر المظفر ص298 قال "اللهم إني أعوذ بك ... يا ديهور يا ديهار ... يا كان يا كينون يا كينان!! ... " وفي صلاة داوود!!! ص307 "يا الله ... يا خفير ... يا مديل يا مجيل!! ..." وفي ص308 "يا الله ... يا مرتاح!! ..." وهل يرتاح إلا من يتعب ويَنْصَبُ؟ فهذه أسماء لم تثبت بالنص الشرعي أنها أسماء لله تعالى ولا تفيد معنىً يُفهم لا باللغة العربية ولا باللغة الأردية لغة المؤلف وهذه من المصائب التي تنتج عن اتخاذ الأعاجم المبتدعين قدوة في الدين وترك علماء الإسلام أهل العلم بالقرآن والسنة ولغة العرب. وصدق القائل:

إذا كان الغراب دليل قوم *** سيهديهم إلى دار البوار

2-أركان الصلاة عندهم أربعة فقط ، وهي إسباغ الوضوء والركوع ، والسجود ، والخشوع كما جاء ذلك في ذكر الصلاة ص25؛ بينما الصحيح عند الكثير من علماء أهل السنة أن أركان الصلاة أربعة عشر ركناً وهي: القيام مع القدرة ، وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة ، والركوع والرفع منه
والسجود على الأعضاء السبعة والرفع منه والجلسة بين السجدتين والتشهد الأخير ، والجلوس له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسليم والترتيب بين الأركان والطمأنينة في جميع الأركان.
فإذا ترك الإنسان ركناً من أركان الصلاة لا تتم صلاته ، فإن تركه عمداً بطلت صلاته، وإن تركه ناسياً يلزمه أن يأتي به ثم يسجد سجدتي السهو، وبناء على أن أركان أو فروض الصلاة أربعة فقط وهي ما ذكر فلا يعدون قراءة الفاتحة ركناً من أركان الصلاة ولذلك قال الهندي في ذكر السهو في الصلاة ص39 "وإن نسي القراءة فيها كلها وأتم الركوع والسجود والتكبير لم تكن عليه إعادة" وهذه فتوى من شيخهم الهندي تخالف قول العلماء بوجوب قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" [143] ولا يقرؤون الفاتحة في صلاة الجنازة كما جاء ذلك في صفتها ص162 وعدوا إسباغ الوضوء من أركان الصلاة، بينما الصحيح أن الإسباغ من سنن الوضوء وليس من أركانه فضلاً عن أركان الصلاة.
3-قال في ذكر السهو في الصلاة ص41 "ومن سها عن الصلاة أو تركها متعمداً صلاها إذا ذكرها" والصلاة عمود الإسلام وشأنها عظيم ومنزلتها رفيعة وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من تركها وجعل بين الرجل والكفر ترك الصلاة وما أخرها صلى الله عليه وسلم حتى في المعارك وعند مقابلة الأعداء قال صلى الله عليه وسلم في الحديث "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" [144] وقال صلى الله عليه وسلم "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" [145]
والهندي يتناول ترك الصلاة بألفاظ سهلة وعبارات باردة فيقول "من ترك الصلاة عمداً فليصليها حين يذكرها" ومفهوم كلامه إنه يجوز للإنسان أن يترك الصلاة متعمداً فإذا ذكرها ذلك الوقت أو الأوقات التي تركها متعمداً فليصليها حين يذكرها.
وهذا يفتح باباً للعصاة والمتكاسلين والمتهاونين بأمر الصلاة ويدل على عدم تعظيمه لهذه الشعيرة.
وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال في الحديث المتفق على صحته "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ، فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" [146] .
4-قال في ذكر مواقيت الصلاة ص37 "وإن نسي الظهر حتى صلى العصر ، فيجعل الصلاة التي صلاها الظهر ، ويصلي العصر ..." هذا فقه أعجمي عجيب وتناقض مع مذهبهم!
إذ كيف أن الإنسان يصلي العصر بنية صلاة العصر، ثم إذا فرغ من الصلاة وبعد ساعة أو ساعتين يغير نيته ويقول : يا رب أنا آسف، لقد غيرت نيتي فالصلاة التي صليتها قبل ساعتين بنية العصر اعتبرها صلاة الظهر؟!
لا يفتي بمثل هذه الفتوى من عنده أدنى إلمام بشرع الله، أو فقه بدين الله لأن النية تكون (محلها) عند تكبيرة الإحرام وليست بعد الفراغ من الصلاة.
وهذا أيضاً يتناقض مع تشددهم في مسألة التلفظ البدعي بالنية في العبادات.

5-جاء في العبادات بعد صلاة الاستفتاح ص231 "أن الإنسان يدعو الله بأبيات شعرية وفيها:
يا ذا المعالي عليك معتمدي *** طوبى لمن كنت أنت مولاه
طوبي لمن كان خائفاً وجلاً *** يشكو على ذي الجلال بلواه
ثم يسجد ويقول:
لبيك عبدي وأنت في كنفي *** وكلما قلت قد علمناه
صوتك تشتاقه ملائكتي *** وكلما قلت قد علمناه

فجعلوا الله سبحانه وتعالى شاعراً، يرد على الإنسان بهذه الأبيات وغيرها في محاورة شعرية بين الخالق والمخلوق فما قدروا الله حق قدره ،فتعالى الله عن قول الظالمين علواً كبيراً.
6-قال الهندي في ذكر الصلاة الموقوتة ص27 "وما وقّر العبدُ صلاته من تبسم أو التفات أو اشتغال بغيرها فهو أفضلوهذا أيضاً فقه أعجمي عجيب يخالف قول الله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (سورة المؤمنون 1،2) والخشوع هو لبُّ الصلاة ولذلك عدَّ علماء الإسلام كثرة الحركة من مبطلات الصلاة، فانظر الفرق وتأمل -هداك الله-
7-قال في ذكر مواقيت الصلاة ص38 "ورُوي عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه رخص في الجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر والمغرب والعشاء في السفر وفي مساجد الجماعة إذا كان عذر من مطر أو برد أو ظلمة يجمع بين الصلاتين بآذان واحد وإقامتين" وهذا الكلام في جملته صحيح، ولكن الذي رخص هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى وليس جعفر الصادق رحمه الله؛ وعلى كل حال هذا أمر متفق عليه، ويُعتبر رخصة من الله تعالى وتيسير لعباده
وتلك الرخصة كما جاءت في قول جعفر لها شروط أو أعذار مثل المطر والبرد والريح الشديدة ونحوها ولكن الإسماعيلية في وقتنا الحاضر يجمعون الظهر والعصر وكذلك المغرب والعشاء بدون عذر شرعي لا سفر ولا مطر ولا برد ولا مشقة وبهذا خالفوا قول جعفر الصادق رحمه الله تعالى وهم يتشيعون له ويزعمون حبه والاقتداء به وهم يخالفونه ولا يأخذون بأقواله ولا يعتدون بها.
8-وقال في ذكر غسل الميت ص150 "ويقول حين يغسل فرج الميت : اللهم حصن فرجه عن معاصيك حتى لا يعصيك" وهل الميت يمكن أن يعصي ربه بعد موته حتى ندعو له بهذا الدعاء؟!! الرسول صلى الله عليه وسلم يقول "إذا مات ابن آدم انقطع عمله..." ونحن عرب نعرف معنى انقطع.
فلو قال قائلالميت يمكن أن يعصي ربه ويمكن أن يزني ونحو ذلك لاُستُدل بذلك على أنه مجنون فماذا عسى أن يقال عن مؤلف الصحيفة؟
9-قال الهندي في ذكر الدفن والقبور ص168 "ويدخل الزيت والبر والطيب قليلاً في الماء الليلة الثالثة ويصب الماء على القبر" فما السر وما الحكمة من إدخال (صب) الزيت والبر والطيب في الماء ثم صبه على القبر؟!! هل ذلك إطعام للميت؟!! فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يأتون بالبر والسمن في الصباح والرز واللحم المندي والمشوي في الغداء والعشاء؟!!
ولو قيل لهؤلاء الجهلة نعم أكرموا موتاكم لرأيتهم عند القبور أكرم من حاتم الطائي والله المستعان.
10-قال في ذكر الضحايا ص439 "وأفضل الكباش ما كان أقرن عظيماً سميناً فحلاً يأكل في سواد ويمشي في سواد وينظر في سواد ويبول في سواد ويبعر في سواد" فلا إله إلا الله أين نجد هذا الكبش؟!! ومن وجده أو عثر عليه أو أدلى بمعلومات عن هذا الكبش فله الشكر والعرفان؛ بل هذه الشروط والأوصاف نفس شروط السحرة والمشعوذين الذين يركزون في وصفاتهم العلاجية (السحرية) على اللون الأسود الخالص، ثم أين الدليل على هذه الأوصاف؟
11-ينكرون على أهل السنة التوكيل في الأضاحي وخصوصاً في الحج والصحيح أنه يستحب للإنسان أن يباشر أضحيته بنفسه، إلا إن كان في ذلك مشقة ونحوها فإنه يجوز له التوكيل وقد وكل الرسول صلى الله عليه وسلم علياً في ذلك. وفي الصحيفة في ذكر الضحايا ص440 ، 441 قالوا بجواز التوكيل.
12-من التناقضات العجيبة بين ما في الصحيفة وبين الواقع ما يلي:
قال في ذكر العدة والإحداد ص171 "ويجوز لها أن تحج" أي يجوز للمرأة المحادة على زوجها المتوفى أن تحج؛ وهذا صحيح ولكنه يختلف مع واقعهم فإن المرأة المحادة على زوجها المتوفى يقومون بحجبها في مكان محكم يشبه السجن حتى لا ترى الرجال أو الأطفال أو يرونها ، وإذا كان البيت أو فناؤه مكشوفاً غطوه وإذا رأت شيئاً من هذا ولو صورة طفل رضيع في آخر يوم من أيام عدتها حكموا عليها أن تعيد من جديد أربعة أشهر وعشرة أيام .وهذا يتناقض مع ما في الصحيفة ذاتها إذ قال مؤلفها: يجوز أن تحج، وهل يمكن أن تحج ولا ترى الرجال؟!! وهل يمكن أن تقف في عرفة أو تطوف بالبيت أو تسعى بين الصفا والمروة أو ترمي الجمرات ولا ترى الرجال؟! وإذا كانت قادمة من الهند أو اليمن أو باكستان ألا تمر عبر المطارات أو البواخر المملوءة بالرجال؟! أو لا تمر برجال الجوازات والأمن الذين يتأكدون من هويتها وجواز سفرها؟! فواقعهم العملي من تعذيب المرأة المعتدة، والحكم عليها بالأعمال الشاقة التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي تزيدها حزناً على حزنها وألماً مع ألمها وهماً مع همها يتناقض مع ما في صحيفتهم ومع أقوال دعاتهم.
13-قال الهندي في ص646 فيما يسمونه بدعاء النصر والمهابة "اللهم انصرني على كل عربي وعجمي وهندي وسندي ويهودي ونصراني ومجوسي ومسلم وكافروقد جعل المسلمين كاليهود والنصارى والمجوس والكفار!! والواجب أن المسلم يدعو لأخيه المسلم، ويسأل الله تعالى له المغفرة والتوبة وأن يلم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم، ويوحد صفهم، ويرفع رايتهم، لا أن يدعو الله أن ينصره عليهم؛ وإذا ربطت بين هذا الدعاء، وكونه جاء تحت ما يسمونه بدعاء النصر والمهابة، خرجت بنتيجة مفادها: أنهم طلاب سلطة وزعامة وحكم ويريدون النصر ، والوصول إلى غايتهم مهما كان الثمن ومهما كانت الوسيلة.
14-جميع الأدعية والاستغفار والعوذة المنسوبة لعلي أو لأحد أبنائه -رضي الله عنهم- أو أحفاده وهي من ص477 وما بعدها -إذا سلمنا جدلاً بصحتها- فيها الشيء الكثير مما يدل على اعترافهم بالذنب والخطايا بل إن بعضهم في هذه الأدعية يصف نفسه وكأنه مرتكب للكبائر أو فاسق أو مجرم ومن ذلك: زعموا أن علياً رضي الله عنه قال في ص576 في استغفار يوم الجمعة: "اللهم إني استغفر لكل ذنب سهرت فيه ليلي في لذاتي لإتيانه" وزعموا أن الحسين رضي الله عنه قال في دعاء يوم الثلاثاء ص520 "إلهي فعلت الفاحشة وظلمت نفسي وعملت السوء واعترفت بذنبي"
فيا للعجب!! حتى أهل البيت -عليهم السلام- لم يسلموا من كذبهم واتهامهم لهم بفعل الفواحش ويدَّعون في الوقت نفسه عصمتهم والتشيع لهم؛ ونحن نقول حاشاهم أن يفعلوا مثل هذه الكبائر والمعاصي والفواحش ، إلا أننا لا نقول بعصمتهم لأنهم بشر يصيبون ويخطئون وينسون ويغفلون.         ثم لو كانت عصمة الأئمة معتقداً صحيحاً ، لكانت من أكبر النعم ومن أكبر الكرامات ويجب التحدث بها وشكر الله عليها قال تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [147] ولكن لم يرد في جميع الأدعية المنسوبة لعلي -رضي الله عنه- وأبنائه وأحفاده شيء من هذا ولا حتى الإشارة الخفية لذلك لا من قريب ولا من بعيد مما يدل على أنها عقيدة مستحدثة وملصقة بهم وهم منها براء. (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [148]

الثاني عشر: خاتمة (كلمة من القلب) .
نعم كلمة من القلب، كلمة من الروح ،كلمة من الابن إلى أمه وأبيه من الأخ إلى أخته وأخيه فأقول: بعد هذا الجهد المتواضع في هذه النصيحة الودية، تبين لكل عاقل أن الصحيفة تحتوي على شرك بالله تعالى وظهور وتجلّي وإنكار لأسماء الله الحسنى وصفاته العُلى ، وتوسل بدعي وعقول عشرة ما أنزل بها من سلطان وتفضيل للأئمة على الأنبياء والرسل عليهم السلام وإنكار موت الأئمة والدعاة ،والترحم على المشركين والاستغفار لهم وغير ذلك من البدع والعجائب التي يتعجب منها العقلاء!!


إلى هنا توقفت المدونة عن أخذ ما تبقى من النصيحة لذا لديكم ملف PDF لاكمال الختمة والحواشي.