قصيدة "عنوان الحِكم" أو "نونية البُستي" للشاعر الأديب أبي الفتح علي بن
محمد بن الحسين البستي (ت 400هـ) من القصائد المشهورة الذائعة الصيت في شعر
الحكمة والأمثال السائرة
وقد قال عنها الشيخ: عبد الفتاح أبو غدة (ت
1417هـ) في مقدمة تحقيقه لها وتعليقه عليها:
"إنها خير ما يحفظه الآباء
للأبناء، والمعلم للمتعلم، لوضوح معانيها وجزالة ألفاظها، واستقلال
أبياتها؛ حتى صار كل بيت منها مثلا بذاته.... وقد ضمنها (ناظمها) النصائح
الغالية، والمواعظ البليغة الواعية، فهي لآلئ منثورة، وجواهر منظومة ...
فهي من خير الشعر الحِكمي وأبلغه".
زيادة المرء في دنياه نقصان = وربحه غير محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لاثبات له = فإن معناه في التحقيق فقدان
يا عامرا لخراب الدار مجتهدا = بالله هل لخراب العمر عمران
ويا حريصا على الأموال تجمعها = أنسيت أن سرور المال أحزان
زع الفؤاد عن الدنيا وزينتها = فصفوها كدر والوصل هجران
وأرع سمعك أمثالا أفصلها = كما يفصل ياقوت ومرجان
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم = فطالما استعبد الإنسان إحسان
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته = أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها = فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
وإن أساء مسيء فليكن لك في = عروض زلته صفح وغفران
وكن على الدهر معوانا لذى = أمل يرجو نداك فإن الحر معوان
واشدد يديك بحبل الله معتصما = فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتق الله يحمد في عواقبه= ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب = فإن ناصره عجز وخذلان
من كان للخير مناعا فليس له = على الحقيقة إخوان وأخدان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة = إليه والمال للإنسان فتان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم = وعاش وهو قرير العين
من كان للعقل سلطان عليه غدا = وما على نفسه للحرص سلطان
من مد طرفا لفرط الجهل نحو هوى = أغضى على الحق يوما وهو خزيان
من عاشر الناس لاقى منهم نصبا = لأن سوسهم بغى وعدوان
ومن يفتش عن الإخوان يقلهم = فجل إخوان هذا العصر خوان
من استشار صروف الدهر قام له = على حقيقة طبع الدهر برهان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه = ندامة ولحصد الزرع إبان
من استنام إلى الأشرار نام وفي = قميصه منهم صل وثعبان
كن ريق البشر إن الحر همته = صحيفة وعليها البشر عن
ورافق الرفق في كل الأمور فلم = يندم رفيق ولم يذممه إنسان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق