السبت، 10 يناير 2015

إجماع المذاهب الأربعة على وجوب تغطية الوجه


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلــــه وصحبه أجمعين

( تمهـــيد )

قضية تغطية المرأة لوجهها وحكمها الشرعي مسألة يثيرها أعداء الملة بلا كلل أو ملل لنزع حجاب المرأة وتعريتها ، وهذا النزع هو القاعدة التي سيبنون عليها كل مخططاتهم ، ومن وسائلهم في هذا الشأن استخدام القاعدة اليهودية اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ، وقد حدث هذا في بعض الدول الإسلامية ؛ فأصبح أصحاب الحق الداعون إلى الحجاب الصحيح قلة تتحدث بصوت خافت ، قد أخفاه تدليس المنافقين وغطاه مكر الشياطين.
وهذا الأمر استغرق الأعداء فيه سنين طويلة بحملات صليبة وحروب استعمارية ومستشرقين كذبة وأموال طائلة جندّت فيها المنافقين ومن انقلبوا على أعقابهم من الليبراليين (الديوثين) والمتعلمنين (اللادينيين) ، وأخبار هذه المكائد والمكر الذي إن كان لِتزّول منه الجبال يطول ذكره ، وسأضع بعض روابط الكتب التي تتحدث عن هذا لمن أراد التوسع في ذلك .
والغرض من موضوعي هذا هو توضيح هذه المسألة بشكل جلي ، وقبل سَردِ الأدلة وإثبات إجماع الأئمة الأربعة وكبار أئمة الإسلام والعلماء الربانيين على مختلف العصور سأذكر بعض النقاط .
1- قبل الخوض في الموضوع :
أرجوا التأني لفهم هذه النقطة جيداً فالخلاف بين العلماء حول كشف الوجه واليدين والذي نقصد به (عورة المرأة) أنما يكون في " باب شروط صحة الصلاة" ، فيقول العلماء:
" وكل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها".. وهم إنما يقصدون عورتها في الصلاة، لا عورتها في النظر.

أما خارج الصلاة فلا يجوز كشف ذلك أبدا، فإذا قيل: " إن وجه المرأة وكفيها ليستا بعورة".. فنقول هذا المذهب إنما هو في الصلاة إذا لم تكن بحضرة الرجال.
وأما بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها عورة لابد من ستره عن الأجنبي لقوله عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة) قال موفق الدين ابن قدامة و قال مالك والأوزاعي والشافعي : جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة" .

*** أرجوا قراءة الجزئية السابقة بهدوء وتمّعن ، لأن الليبرالين والمتعلمنين وأصحاب القلوب المريضة يّدلسون على العلماء ويبترون أقوالهم
لتضليل الناس متجاهلين أن الخوض في مسائل الحلال والحرام من أخطر القضايا لأنها نسبة للقول إلى الله قال تعالى
(ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)
بل إن بعض طلبة العلم قد تمّرر عليهم مثل هذه الأباطيل ! .
2- هنالك قلة قليلة من العلماء لا يرون أن وجه المرأة عورة وهذا هو الرأي الشاذ النشاز في المجتمعات الإسلامية عبر العصور، ولم تقبل به الأمــة إلا بعد دخول الإستعمار و بالقوة ! ومن المهم غاية الأهمية أن يُعلم أن مخالفة هؤلاء الأفراد القليلين لا ينقض الإجماع ، فالإجماع لا يشترط فيه ألا يكون فيه مخالف، هذا لو كان المخالف مخالفا بدليل صحيح، فكيف إذا كان دليله غير صحيح، ولا يصح الاحتجاج به؟! حينذاك فلا حجة في خلافه
ومن ثّم لا يُنقض الإجماع بحال أبدا ، فإن قول العالم معتبر إذا سانده الدليل، أما إذا لم يسانده فقوله غير معتبر، ولا ينقض به قول بقية العلماء، ولا ينقض به إجماعهم.
ومع ذلك فأن هؤلاء القلة يرون وجوب التغطية للشابه أو المرأة الكبيرة إذا خشيت الفتنة [ وبهذا يتحقق الإجماع لكامل الأمة ] والحمــــــــــدلله .
3- لن أناقش الأدلة الموجبة لتغطية الوجه لأن ذلك يحتاج لتفصيل مطول قد يستغرق
مجلدات كثيرة وهي موجودة لمن أراد التوسع وأنصح الجميع بقرائتها والإطلاع عليها
لكن سأنقل أقوال العلماء وهذا أفود وألزم للحجة فنحن أمة اتباع.

** وجوب تغطية الوجــــه في المذاهب الأربـــعه **

أولاً: قول أئمتنا من الأحناف
يرى فقهاء الحنفية –رحمهم الله-
أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك ذكروا أنَّ
المسلمين متفقون على منع النِّساء من الخروج سافرات عن وجوههنَّ.

وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
1- قال أبو بكر الجصاص، رحمه الله: المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها (أحكام القرآن 3/458 )
2- وقال شمس الأئمة السرخسي ، رحمه الله : (حرمة النَّظر لخوف الفتنة، وخوف الفتنة في النَّظر إلى وجهها، وعامة
محاسنها في وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء) (المبسوط 10/152)

3- وقال علاء الدين الحنفيُّ ، رحمه الله: وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.
4- قال ابن عابدين، رحمه الله : المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة.
وفسَّر الشهوة بقوله: أن يتحرك قلب الإنسان، ويميل بطبعه إلى اللَّذة.
ونصَّ على أنَّ الزوج يعـّـزر زوجته على كشف وجهها لغير محرم
(حاشية ابن عابدين 3/261) وقال في كتاب الحجّ: وتستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيءٍ متجافٍ لا يمسُّ الوجه، وحكى الإجماع عليه.
(حاشية ابن عابدين 2/488).
ونقل عن علماء الحنفيّة وجوب ستر المرأة وجهها، وهي محرمة، إذا كانت بحضرة رجـال أجانب.(حاشية ابن عابدين 2/528)
5- وقال الطحطاويُّ، رحمه الله: تمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين رجال. (رد المحتار 1/272)
ونصَّ 6- الإسبيجانيُّ و 7- المرغينانيُّ و 8- الموصليُّ :
على أنَّ وجه المرأة داخل الصلاة ليس بعورة، وأنَّه عورة خارجها، ورجَّح في (شرح المنية ) أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وقال: أمَّا عند وجود الأجانب فالإرخاء واجب على المحرمة عند الإمكان
(حاشية إعلاء السنن للتهانوي 2/141).
9- وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ: وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء، وجمهور الأمَّة على أنَّه لا يجوز للنِّساء الشوابّ كشف الوجوه والأكفّ بين الأجانب، ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى :[وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ ]
(المرأة المسلمة ص 202).
10- وقال السهارنفوريُّ الحنفيُّ، رحمه الله: ويدلُّ على تقييد كشف الوجه بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لاسيما عند كثرة الفساد وظهوره (بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/431).
11- قال الشرنبلالي في ( متن نور الإيضاح ) :
« وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها باطنهما وظاهرهما في الأصح ، وهو المختار » .

وقد كتب العلامة الطحاوي في ( حاشيته الشهيرة على مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح ص 161) عند هذه العبارة ما يلي : « ومَنْعُ الشابة من كشفه ـ أي الوجه ـ لخوف الفتنة ، لا لأنه عورة » اهـ .
12ـ وقال الشيخ داماد افندي (مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ـ 1 / 81) :
« وفي المنتقى : تمنع الشابة عن كشف وجهها لئلا يؤدي إلى الفتنة . وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد وعن عائشة : جميع بدن الحرة عورة إلا إحدى عينيها فحسب ، لاندفاع الضرورة » اهـ

13ـ وقال الشيخ محمد علاء الدين الإمام (الدر المنتقى في شرح الملتقى ـ 1 / 81 ( المطبوع بهامش مجمع الأنهر ) :
« وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ، وقدميها في رواية ، وكذا صوتها، وليس بعورة على الأشبه ، وإنما يؤدي إلى الفتنة ، ولذا تمنع من كشف وجهها بين الرجال للفتنة » اهـ .
والراجح أن صوت المرأة ليس بعورة ، أما إذا كان هناك خضوع في القول ، وترخيم في الصوت فإنه محرم .
14ـ وقال الشيخ الحصكفي (الدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين ـ 3 / 188 ـ 189) :
« يعزر المولى عبده ، والزوج زوجته على تركها الزينة الشرعية مع قدرتها عليها ، وتركها غسل الجنابة ، أو على الخروج من المنزل بغير حق ، أو كَشفت وجهها لغير محرم » اهـ باختصار .
وقال في موطن آخر :
« وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين رجال ، لا لأنه عورة ، بل لخوف الفتنة ، كمسّهِ وإن أَمِنَ الشهوة ، لأنه أغلظ ، ولذا ثبتت به حرمة المصاهرة ».
قال خاتمة المحققين ، العلامة ابن عابدين في حاشيته الشهيرة عند هذه العبارة :
« والمعنى : تُمنَعُ من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة ، لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة .وقوله : « كمسِّهِ » أي : كما يمنع الرجل من مسِّ وجهها وكفِّها وإنْ أَمِنَ الشهوة » اهـ ( انظر : الدر المختار ، مع حاشية رد المحتار ( 1 / 272) .
وقال أيضاً العلامة الحصكفي (الدر المختار ورد المحتار ( 2 / 189 ) عند كلامه عن إحرام المرأة في الحج :
« والمرأة كالرجل ، لكنها تكشف وجهها لا رأسها ، ولو سَدَلَت شيئًا عليه وَجَافَتهُ جاز ، بل يندب » .
15ـ وقال العلامة ابن نجيم ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق ـ 1 / 284) :
« قال مشايخنا : تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة » اهـ .
وقال أيضًا في موضع آخر ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق ـ 2 / 381) :
« وفي فتاوى قاضي خان : ودلَّت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة . اهـ وهو يدل على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجبٌ عليها » اهـ .
16- وقال الشيخ علاء الدين عابدين (الهدية العلائية ( ص / 244) :
« وتُمنع الشابة من كشف وجهها خوف الفتنة » اهـ .
وقد أوجب فقهاء الحنفية على المرأة الْمُحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب .
17- قال العلامة المرغيناني (الهداية ( 2 / 405) عند كلامه عن إحرام المرأة في الحج : « وتكشف وجهها لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إحرام المرأة في وجهها ».
18- قال العلامة المحقق الكمال بن الهمام تعليقًا على هذه العبارة :
« ولا شك في ثبوته موقوفًا . وحديث عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود وابن ماجه ، قالت : كان الركبان يمرون ونحن مع رسول الله 
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محرمات ، فإذا حاذَونا سَدَلَت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه . قالوا : والمستحب أن تسدل على وجهها شيئًا وتجافيه ، وقد جعلوا لذلك أعوادًا كالقُبة توضع على الوجه يسدل فوقها الثوب .

ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة وكذا دلَّ الحديث عليه » اهـ .
قال خاتمة المحققين ، العلامة ابن عابدين في حاشيته على « الدر المختار » عند قوله : « بل يُندب »
قال : « أي خوفًا من رؤية الأجانب ، وعبَّر في الفتح بالاستحباب ؛ لكنْ صرَّحَ في « النهاية » بالوجوب .
وفي « المحيط » : ودلَّت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة ، لأنها منهية عن تغطيته لحقِّ النُّسك لولا ذلك ، وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة » . اهـ
ونحوه في الخانية .ووفق في البحر بما حاصله : أنَّ مَحْمَلَ الاستحباب عند عدم الأجانب
وأما عند وجودهم فالإرخاء واجب عليها عند الإمكان ، وعند عدمه يجب على الأجانب غض البصر ... » اهـ باختصار . ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء الحنفية
يُنظر حاشية ابن عابدين (1/406-408)
والبحر الرائق لابن نجيم (1/284 و2/381)
وفيض الباري للكشميري (4/24و308).


ثانيا: أقوال أئمتنا من المالكيّة:
يرى فقهاء المالكيّة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب ، لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك فإنَّ النِّساء -في مذهبهم- ممنوعات من الخروج سافرات عن وجوههنَّ أمام الرجال الأجانب.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
19- قال القاضي أبو بكر بن العربيِّ، والقرطبيُّ رحمهما الله: المرأة كلُّها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمَّا يعنّ ويعرض عندها.
( أحكام القرآن 3/1578)، والجامع لأحكام القرآن
(14/277).

20- وقال الشيخ أبو عليٍّ المشداليُّ، رحمه الله:
إنَّ من كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف لا تجوز إمامته ، ولا تقبل شـهادته.
21- وسئل أحمد بن يحيى الونشريسيُّ -رحمه الله- عمن له زوجة تخرج بادية الوجـه، وترعى، وتحضـر الأعراس والولائم مع الرِّجال، والنِّسـاء يرقصن والرِّجال يكفون، هل يجرح من له زوجة تفعل هذا الفعل ؟
فأورد الفتوى السابقة، ثم قال:وقال :22- أبو عبد الله الزواوي: إن كان قادراً على منعها ولم يفعل فما ذكر أبو عليٍّ ( المشداليّ ) صحيح.  23- وقال سيدي عبد الله بن محمد بن مرزوق: إن قدر على حجبها ممن يرى منها ما لا يحلّ ولم يفعل فهي جرحة في حقه، وإن لم يقدر على ذلك بوجه فلا.
ومسألة هؤلاء القوم أخفض رتبة مما سألتم عنه، فإنَّه ليس فيها أزيد من خروجها وتصرفها بادية الوجه والأطراف، فإذا أفتوا فيها بجرحة الزوج، فجرحته في هذه المسؤول عنها أولى وأحرى، لضميمة ما ذُكر في السؤال من الشطح والرقص بين يدي الرجال الأجانب، ولا يخفى ما يُنْتِجُ الاختلاط في هذه المواطن الرذلة من المفاسد
(المعيار المعرب للونشريسي 11/193).
24- وذكر الآبِّيُّ: أنَّ
25- ابن مرزوق نصَّ على :
أنَّ مشهور المذهب وجوب سـتر الوجـه والكفين إن خشـيت فتنة من نظر أجنبي إليها(جواهر الإكليل 1/41).ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء المالكية في وجوب تغطية المرأة وجهها، يُنظر  : المعيار المعرب26- للونشريسي (10/165و11/226 و229)، ومواهب الجليل
27- للحطّاب (3/141)، والذّخيرة
28- للقرافي (3/307)، والتسهيل
29- لمبارك (3/932)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/55)، وكلام
30- محمد الكافي التونسي كما في الصارم المشهور
(ص 103)، وجواهر الإكليل للآبي (1/186).
.
.
.

وهذه إضافة جديدة لبعض أئمة هذا المذهب لم تكن في الموضوع السابق :
 ـ روى الإمام مالك ( الموطأ ـ 2 / 234 بشرح
31- الزرقاني ، وانظر نحوه في : أوجز المسالك ـ 6 / 196) ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت :
« كنا نُخمّر وجوهنا ونحن محرمات ، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق » .
قال الشيخ الزرقاني « زاد في رواية : فلا تنكره علينا لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس ، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها، أو يُنظر لها بقصد لذة .
32- قال ابن المنذر :
أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله ، والخفاف ، وأن لها أَنْ تغطي رأسها ، وتستر شعرها ، إلا وجهها ، فَتُسدل عليه الثوب سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال ، ولا تُخَمِّر ، إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر ، فذكر ما هنا ، ثم قال : ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلًا ، كما جاء عن عائشة قالت : كنا مع رسول الله 
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا مُرَّ بنا سَدَلْنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات ، فإذا جاوزْنا رفعناه » اهـ .

33- وقال الشيخ الحطَّاب (مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ـ 1 / 499) :
« واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين .

34- قاله القاضي عبد الوهاب ، ونقله عنه الشيخ أحمد زرّوق في شرح الرسالة ، وهو ظاهر التوضيح . هذا ما يجب عليها »اهـ . (( ومذهب الشافعيّ أَمَسُّ بسدِّ الذرائع ، وأقرب للاحتياط ، لا سيَّما في هذا الزمان الذي اتّسع فيه البلاء ، واتسع فيه الخرق على الراقع » .
اهـ باختصار يسير ( شرح الزرقاني على مختصر خليل ـ 1 / 176) .35- وقد كتب العلامة البنَّاني
في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل على كلام الزرقاني السابق (1 / 176 ، ونحوه في حاشية الصاوي على الشرح الصغير( 1 / 289) ما يلي :

" قول الزرقاني : إلا لخوف فتنة ، أو قصد لذة فيحرم ، أي النظر إليها ، وهل يجب عليها حينئذٍ ستر وجهها ؟
وهو الذي لابن مرزوق في اغتنام الفرصة قائلًا : إنه مشهور المذهب ، ونقل الحطاب أيضًا الوجوب عن القاضي عبد الوهاب ، أو لا يجب عليها ذلك ، وإنما على الرجل غض بصره ، وهو مقتضى نقل مَوَّاق عن عياض .
وفصَّل الشيخ زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها ، وغيرها فيُستحب »اهـ .

36- وقال ابن العربي :
« والمرأة كلها عورة ، بدنها ، وصوتها ، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة ، أو لحاجة ، كالشهادة عليها ، أو داء يكون ببدنها ، أو سؤالها عما يَعنُّ ويعرض عندها »
أحكام القرآن ( 3 / 1579) .

37- قال محمد فؤاد البرازي : الراجح أن صوت المرأة ليس بعورة ، أما إذا كان هناك خضوع في القول ، وترخيم في الصوت ، فإنه محرم كما سبق تقريره .
38- وقال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسيره
( 12 / 229) .

39- قال ابن خُويز منداد ــ وهو من كبار علماء المالكيه (إن المرأة اذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة
فعليها ستر ذلك ؛ وإن كانت عجوزًا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها » اهـ .
وقال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري (جواهر الإكليل ـ 1 / 41 ) :
« عورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم جميع جسدها غير الوجه والكفين ظهرًا وبطنًا ، فالوجه والكفان ليسا عورة ، فيجوز كشفهما للأجنبي ، وله نظرهما إن لم تُخشَ الفتنة . فإن خيفت الفتنة فقال ابن مرزوق : مشهور المذهب وجوب سترهما . وقال عياض : لا يجب سترهما ويجب غضُّ البصر عند الرؤية . وأما الأجنبي الكافر فجميع جسدها حتى وجهها وكفيها عورة بالنسبة له » اهـ .
وقد أوجب فقهاء المالكية على المرأة المُـحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب .
قال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري
( جواهر الإكليل 1 / 41) في أبواب الحج :
« حَرُمَ بسبب الإحرام بحج أو عمرة على المرأة لبس مخيط بيدها كقُفَّاز ، وستر وجهٍ بأي ساتر ، وكذا بعضه على أحد القولين الآتيين ، إلا ما يتوقف عليه ستر رأسها ومقاصيصها الواجب ، إلا لقصد ستر عن أعين الرجال فلا يحرم ولو التصق الساتر بوجهها ، وحينئذٍ يجب عليها الستر إن علمت أو ظنت الافتتان بكشف وجهها ، لصيرورته عورة .

40- وقال الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي المالكي الأزهري الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني ـ
( 1 / 431) في باب الحج والعمرة :

 
« واعلم أن إحرام المرأة حرة أو أَمَةً في وجهها وكفيها . قال خليل : وحَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفَّاز ، وستر وجه إلا لستر بلا غرز ولا ربط ، فلا تلبس نحو القفاز ، وأما الخاتم فيجوز لها لبسه كسائر أنواع الحلي ، ولا تلبس نحو البرقع ، ولا اللثام إلا أن تكون ممن يخشى منها الفتنة ، فيجب عليها الستر بأن تسدل شيئًا على وجهها من غير غرز ولا ربط » . اهـ باختصار يسير .
ثالثًا: أقوال أئمتنا من الشافعيَّة:
يرى فقهاء الشافعية أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، سواء خُشيت الفتنة أم لا؛ لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يرى أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
41- قال إمام الحرمين الجوينيُّ، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء من الخروج سافرات الوجوه؛ لأنَّ النَّظر مظنَّة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سدُّ الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية. (روضة الطالبين 7/24)، و بجيرمي على الخطيب (3/315).
ونقل
42- ابن حجر -رحمه الله- عن
43- الزياديّ، وأقرَّه عليه: أنَّ عورة المرأة أمام الأجنبي جميع بدنها، حتى الوجه والكفين على المعتمد.وقال: قال صاحب النِّهاية: تَعَيَّنَ سترُ المرأة وجهها، وهي مُحْرِمَة، حيث كان طريقاً لدفع نظرٍ مُحَرَّم
(تحفة المحتاج 2/112و4/165).
وقال 44- ابن رسلان، رحمه الله:
اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات عن الوجوه، لاسيما عند كثرة الفسَّاق (عون المعبود 11/162).
45- وقال الشرقاويُّ، رحمه الله: وعورة الحرَّة خارج الصلاة بالنِّسبة لنظر الأجنبيِّ إليها فجميع بدنها حتَّى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة.
(حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب 1/174).
46- وقال النَّوويُّ، رحمه الله: لا يجوز للمسلمة أن تكشف وجهها ونحوه من بدنها ليهوديَّة أو نصرانيَّة وغيرهما من الكافرات، إلاَّ أن تكون الكافرة مملوكة لها، هذا هو الصحيح في مذهب الشافعيِّ (الفتاوى ص 192).
وقال ابن حجر، رحمه الله: استمر العمل على جواز خروج النِّساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهنَّ الرِّجال.
47- وقال الغزَّاليُّ، رحمه الله: لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنِّساء يخرجن منتقبات (فتح الباري 9/337).
وهذه إضافة جديدة لبعض الأقوال :
قال الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في المنهج : ( وعورة حُرَّة غير وجه وكفين) .
48- قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على الكتاب السابق عند قوله : « غير وجه وكفين : وهذه عورتها في الصلاة .
وأما عورتها عند النساء المسلمات مطلقًا وعند الرجال المحارم ، فما بين السرة والركبة ، وأما عند الرجال الأجانب فجميع البدن .
وأما عند النساء الكافرات ، فقيل : جميع بدنها ، وقيل : ما عدا ما يبدو عند المهنة » اهـ
( حاشية الجمل على شرح المنهج ـ 1 / 411) .
وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي ( تحفة المحتاج بشرح المنهاج ـ 3 / 113 ـ 115 ، المطبوع بهامش حاشيتي الشرواني والعبادي )
في « فصل تكفين الميت وحمله وتوابعهما » : « يُكفن الميت بعد غسله بما لَهُ لُبْسُهُ حيًا ... ثم قال : وأقله ثوب يستر العورة المختلفة بالذكورة والأنوثة »اهـ .
49- وقد كتب الشيخ الشرواني ( حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 3 / 115) في حاشيته على تلك العبارة :
« فيجب على المرأة ما يستر بدنها إلا وجهها وكفيها ، حرَّة كانت أو أمة .
ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة ، بل لكون النظر إليهما يوقع في الفتنة غالبًا .
شرح : م ر ــ أي شرح شمس الدين بن الرملي رحمهما الله تعالى .
50- وذكر ابن قاسم العبادي في ( حاشيته على تحفة المحتاج ـ 3 / 115) نحو ذلك على العبارة نفسها ، فقال :
( فيجب ما ستر من الأنثى ولو رقيقة ما عدا الوجه والكفين) .
ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة ، بل لخوف الفتنة غالبًا . شرح : م ر » اهـ .
وقال الشيخ الشرواني : « قال الزيادي في شرح المحرر : إن لها ثلاث عورات :
الأولى: عورة في الصلاة ، وهو ما تقدم ـ أي كل بدنها ما سوى الوجه والكفين .
والثانية: عورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها : جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد .
والثالثة : عورة في الخلوة وعند المحارم : كعورة الرجل »اهـ ـ أي ما بين السرة والركبة ـ
( حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 2 / 112) .
وقال أيضًا :
« من تحققت من نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه ، وإلا كانت معينة له على حرام ، فتأثم » اهـ (حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 6 / 193) .
51- وقال الشيخ زكريا الأنصاري : « وعورة الحرة ما سوى الوجه والكفين »
فكتب الشيخ الشرقاوي في حاشيته على هذه العبارة : (وعورة الحرة .. أي : في الصلاة أما عورتها خارجها بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها حتى الوجه والكفين ولو عند أَمنِ الفتنة ) اهـ
(تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب ـ 1 / 174) .
52 - وقال الشيخ محمد الزهري الغمراوي (أنوار المسالك شرح عمدة السالك وعدة الناسك ص 217 ) :
(( ويحرم أن ينظر الرجل إلى شيء من الأجنبية ، سواء كان وجهها ، أو شعرها ، أو ظفرها ، حرة كانت أو أمة ...))
ثم قال بعد أربعة أسطر :
(( فالأجنبية الحرة يحرم النظر إلى أي جزء منها ولو بلا شهوة ، وكذا اللمس والخلوة ؛ والأَمة على المعتمد مثلها ، ولا فرق فيها بين الجميلة وغيرها ...)) .
ثم قال في الصفحة التي تليها :
ويحرم عليها ـ أي المرأة ـ كشف شيء من بدنها ، ولو وجهها وكفيها لمراهق أو لامرأة كافرة »اهـ .
53- وقال الشيخ محمد بن عبد الله الجرداني (فتح العلام بشرح مرشد الأنام ( 1 / 34 ـ 35 ) :
« واعلم أن العورة قسمان : عورة في الصلاة . وعورة خارجها ، وكل منهما يجب ستره » اهـ .
وبعد تفصيل طويل نافع قال تحت عنوان :
« عورة المرأة بالنسبة للرجال الأجانب ، وما فيه من كلام الأئمة ، وحكم كشف الوجه : « وبالنسبة لنظر الأجنبي إليها جميع بدنها بدون استثناء شيء منه أصلاً ..
ثم قال : ويجب عليها أن تستتر عنه ، هذا هو المعتمد .
ونقل القاضي عياض المالكي عن العلماء : أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة ، وعلى الرجال غض البصر عنها .
وقيل : وهذا لا ينافي ما حكاه الإمام من اتفاق المسلمين على منع النساء بأن يخرجن سافرات الوجوه ، أي كاشفاتها ، لأن منعهن من ذلك ليس لوجوب الستر عليهن ، بل لأن فيه مصلحة عامة بسدِّ باب الفتنة .
نعم :
الوجه وجوبه عليها إذا علمت نظر أجنبي إليها ، لأن في بقاء الكشف إعانة على الحرام .
أفاد ذلك
54- السيد أبو بكر في حاشيته على فتح المعين نقلًا عن فتح الجواد .
وضعَّفَ الرملي كلام القاضي ، وذكر أن الستر واجب لذاته . ثم قال :
وحيث قيل بالجواز كره ، وقيل : خلاف الأَولى .
وحيث قيل بالتحريم ــ وهو الراجح ــ حرم النظر إلى المُنَقَّبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها ، أي ما دار بهما ، كما بحثه الأذرعي ، لا سيَّما إذا كانت جميلة » اهـ
( فتح العلام بشرح مرشد الأنام ـ 1 / 41 ـ 42 ) ، ونحوه في مغني المحتاج ( 3 / 129) .
55- وقال الشيخ تقي الدين الحصني (كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار ( 1 / 181 ) :
« ويُكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل ، والمرأة متنقّبة إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر ، فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب .
وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس ، زاده الله شرفًا ، فليُجتنَب ذلك »اهـ .
56- وقال الشيخ محمد بن قاسم الغزي : « وجميع بدن المرأة الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ، وهذه عورتها في الصلاة ، أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها »اهـ
(فتح القريب في شرح ألفاظ التقريب ( ص 19) .
57- قال العلامة الرملي الشّهير بالشافعي الصغير :
« وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبًا متجافيًا عنه بنحو خشبة وإن لم يُحتَج لذلك لحرٍّ وفتنة ..
ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعيَّن طريقًا لدفع نظر مُحرَّم .
58- وقد كتب الشبراملسي في حاشيته عليه :
« قوله : ولا يبعد جواز الستر أي : بل ينبغي وجوبه ، ولا ينافيه التعبير بالجواز ، لأنه جوازٌ بعد مَنع ، فيَصدُق بالواجب » اهـ
(نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، ومعه حاشية الشبراملسي ( 3 / 333) .
59- قال الخطيب الشربيني :
( وإذا أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو ثوب متجافٍ عنه بنحو خشبة ، بحيث لا يقع على البشرة ).
60 - وقد كتب البجيرمي في حاشيته على هذا القول :
« فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ولو بحضرة الأجانب ومع خوف الفتنة ، ويجب عليهم غض البصر
وبه قال بعضهم . والمتجه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه » اهـ (حاشية البجيرمي على الخطيب ( 2 / 391) .
61- ونقل الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي
( أوجز المسالك إلى موطأ مالك ـ 6 / 197 ) نقلا عن : شرح الإقناع .
في « باب تخمير المحرم وجهه » عن « شرح الإقناع » قوله :
« وإذا أرادت » ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو خشبة ، بحيث لا يقع على البشرة . والمتجه في هذه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه »
62- وقال الموزعيُّ الشافعيُّ، رحمه الله:
لم يزل عمل النَّاس على هذا، قديماً وحديثاً، في جميع الأمصار والأقطار، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها، ولا يتسامحون للشابَّة، ويرونه عورة ومنكراً، وقد تبين لك وجه الجمع بين الآيتين، ووجه الغلط لمن أباح النَّظر إلى وجه المرأة لغير حاجة.
والسلف والأئمة كمالك والشافعيِّ وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة.
فقال الشافعيُّ ومالك: ما عدا الوجه والكفين
وزاد أبو حنيفة: القدمين، وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة (تيسير البيان لأحكام القرآن 2/1001).
ولمطالعة مزيد من أقوال الفقهاء الشافعية
يُنظر إحياء علوم الدين (2/49)
وروضة الطالبين (7/24)
وحاشية الجمل على شرح المنهج (1/411)
وحاشية القليوبي على المنهاج (1/177)
وفتح العلام (2/178) للجرداني
وحاشية السقاف ( ص 297)
وشرح السنة للبغوي ( 7/240).
رابعا: أقوال أئمتنا من الحنابلة:
يرى فقهاء الحنابلة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لكونه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
63- قال الإمام أحمد، رحمه الله:
ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تُبِن منها شيئاً ولا خفها، فإنَّ الخفَّ يصف القدم، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمها زراً عند يدها حتَّى لا يبن منها شيء
(انظر الفروع 1/601).
64- وقال ابن تيميّة، رحمه الله:
وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النِّساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرِّجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تُظهر الوجه والكفين ... ثم لما أنزل الله -عز وجل- آية الحجاب بقوله: [يَـأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ]حجب النِّساء عن الرِّجال.
وقال ابن تيمية أيضاً :
وكشف النِّساء وجوههنَّ بحيث يراهنَّ الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهي عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنَّه يعاقب على ذلك بما يزجره.
65- وقال ابن القيِّم، رحمه الله:
الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههنَّ عن الأجانب، وأمَّا الإماء فلم يوجب عليهنَّ ذلك ...
والعورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النَّظر، فالحرَّة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع النَّاس كذلك.
وهذه أقوال لم تكن في موضوعي السابق لأئمة الحنابله:
قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ :
« كل شيء منها ــ أي من المرأة الحرة ــ عورة حتى الظفر »اهـ
(زاد المسير في علم التفسير ـ 6 / 31 ) .
66- قال الشيخ يوسف بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي في ( مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام ـ ص 120 ) :
« ولا يجوز للرجل النظر إلى أجنبية ، إلا العجوز الكبيرة التي لا تشتهى مثلها ، والصغيرة التي ليست محلاً للشهوة ، ويجب عليه صرف نظره عنها . ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت » اهـ .
67- وقال الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي
(كشاف القناع عن متن الإقناع ـ 1 / 309)
( والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة حتى ظفرها وشعرها )
لقول النبي 
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « المرأة عورة » رواه الترمذي وقال : حسن صحيح .
وعن أم سلمة أنها سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار ؟ قال : إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها » رواه أبو داود ، وصحح عبد الحق وغيره أنه موقوف على أم سلمة . « إلا وجهها » :
لا خلاف في المذهب أنه يجوز للمرأة الحرة كشف وجهها في الصلاة . ذكره في المغني وغيره .
« قال جمع : وكفيها » واختاره المجد ، وجزم به في العمدة والوجيز لقوله تعالى :
( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )[ النور : 31 ]
قال ابن عباس وعائشة : وجهها وكفيها . رواه البيهقي ، وفيه ضعف ، وخالفهما ابن مسعود . « وهما » أي : الكفان . « والوجه » من الحرة البالغة « عورة خارجها » أي الصلاة « باعتبار النظر كبقية بدنها » كما تقدم من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « المرأة عورة » اهـ .
68- وقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري
(الروض المربع شرح زاد المستقنع للبهوتي ، مع حاشية العنقري ـ 1 / 140 ) :
« وكل الحرة البالغة عورة حتى ذوائبها ، صرح به في الرعاية . اهـ إلا وجهها فليس عورة في الصلاة . وأما خارجها فكلها عورة حتى وجهها بالنسبة إلى الرجل والخنثى وبالنسبة إلى مثلها عورتها ما بين السرة إلى الركبة » اهـ .
67- وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي ـ رحمه الله تعالى ـ ( الفروع ( 1 / 601 ـ 602):
« قال أحمد : ولا تبدي زينتها إلا لمن في الآية.
68- ونقل أبو طالب :
( ظفرها عورة ، فإذا خرجت فلا تبين شيئًا ، ولا خُفَّها ، فإنه يصف القدم ، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكـمّها زرًا عند يدها ) .
اختار القاضي قول من قال : المراد بــ مَا ظَهَرَ من الزينة : الثياب ، لقول ابن مسعود وغيره ، لا قول من فسَّرها ببعض الحلي ، أو ببعضها ، فإنها الخفية ، قال : وقد نصَّ عليه أحمد فقال : الزينة الظاهرة : الثياب ، وكل شيء منها عورة حتى الظفر » اهـ .
69- وقال الشيخ يوسف مرعي (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى ـ 3 / 7 ) :
« وحرم في غير ما مرَّ ــ أي من نظر الخاطب إلى مخطوبته ، ونظر الزوج إلى زوجته ، وغير ذلك ــ قصدُ نظرِ أجنبية ، حتى شعر متصل لا بائن .
قال أحمد : ظفرها عورة ، فإذا خرجت فلا تبين شيئًا ، ولا خُفَّها فإنه يصف القدم . وأُحبّ أن تجعل لكمّها زرًا عند يدها » اهـ .
وقد أجاز فقهاء الحنابلة للمرأة المُـحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند مرور الرجال الأجانب قريبًا منها .
70- وقال الشيخ إبراهيم ضويان (منار السبيل ( 1 / 246 ـ 247 ) أثناء كلامه عن محظورات الإحرام :
« ... وتغطية الوجه من الأنثى ، لكن تُسدل على وجهها لحاجة ، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« لا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفازين » رواه أحمد والبخاري .
قال في الشرح : فيحرم تغطيته .
لا نعلم فيه خلافًا إلا ماروي عن أسماء أنها تغطيه ، فيُحمَلُ على السدل ، فلا يكون فيه اختلاف .
فإن احتاجت لتغطيته لمرور الرجال قريبًا منها سدلت الثوب من فوق رأسها ، لا نعلم فيه خلافًا . اهـ
لحديث عائشة : « كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإذا حاذَونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه » .رواه أبو داود والأثرم .
.
.
.
.
أمـــــا العلماء والأئمة الذين نقلوا الإجماع على وجوب تغطية المرأة وجهها فهم:
1- شيخُ الإسلام ، الإمام ابنُ تيمية – رحمه الله –
في منهاج السنة ـ : ( اتفاق المسلمين على منع خروج النساء سافرات الوجوه لأنّ النظر مظنة الفتنة ) [ مكانك تحمدي ص40 ] .
2- نقل النووي في روضة الطالبين 5/ 366عن الإمام الشافعي .
( اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات ) .
3- كما نقل - رحمه الله – عن الإمام الجويني إمام الحرمين
( اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات )
[ روضة الطالبين 7/ 21 ] .
4- وحكى الإمام العلامة أحمد بن حسين بن رسلان الشافعي المتوفى سنة 844 هـ :
(( اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، لا سيما عند كثرة الفساق )) نقله
5- الشوكاني في نيل الأوطار ( 6 / 130 )
وحكى العلامة السهانفوري المتوفى سنة 1346 هـ في بذل المجهود ( 16 / 431 ) :
(( ..اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره ))
7- وقال العيني في عمدة القاري ( 20/98 ) في فوائد حديث عائشة :
( أن أفلح أخا أبا القعيس جاء يستأذن عليها ، وهو عمها من الرضاعة بعد أن أنزل الحجاب ..... الحديث :
(( فيه أنه لا يجوز للمرأة أن تأذن للرجل الذي ليس بمحرم لها في الدخول عليها ، ويجب عليها الاحتجاب منه بالإجماع )) .
8ـ وقال سماحة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز في كتابه
( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ) ( 5/231 )
(( وقد أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها ، وأنه عورة يجب عليها ستره إلا من ذي محرم ))
9- وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمد شفيع الحنفي في المرأة المسلمة ص 202 :
(( وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء وجمهور الأمة على أنه لا يجوز للنساء الشواب كشف الوجوه والأكف بين الأجانب ، ويستثنى منه العجائز ، لقوله تعالى : (( والقواعد من النساء )) .
10- وقال الإمام المجتهد محمد بن إبراهيم الوزير
في الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم 
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( 1/ 202) ( ( وأجمعوا على وجوب الحجاب للنساء )) .
11- وقال العلامة بكر أبو زيد :
(ولم يقل أحد في الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة ورقة الدين ، وفساد الزمان ، بل هم مجمعون على سترهما كما نقله غير واحد من العلماء ، وهذه الظواهر الإفسادية قائمة في زماننا فهي موجبة لسترهما ولو لم يكن أدلة أخرى)
[ الحراسة : ص 69] .
12- وقال الشيخ يوسف الدَجْوي :
( أما إذا خشيت الفتنة ولم يؤمن الفساد فلا يجوز كشف وجهها ولا شيء من بدنها بحال من الأحوال عند جميع العلماء )
[ مقالات وفتاوى الدجوي 2/ 143 ] .
هذا ما أستطعت أن أجده من بحوث المحققين وإلا فأنهم أكثر بكثير والله أعلم .
الإجماع العملي :
1- حكى الحافظ ابن حجر في الفتح ( 9/337) :
( استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات ؛ لئلا يراهن الرجال ..
إلى أن قال : إذ لم تزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات )
2- وبمثله حكاه العيني في عمدة القارئ ( 20/217 ) ـ وقال الحافظ أيضا ( 9/ 424) :
( ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب )
3- قال الغزالي في إحياء علوم الدين ( 2/53 ) :
( .. لم يزل الرجال على ممر الأزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات .. )
4- قال الشيخ بكر أبو زيد :
لما نزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أن يعرفن فلا يؤذين )
حجب النبي 
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساءه وحجب الصحابة نساءهم بستر وجوههن وسائر البدن والزينة المكتسبة واستمر ذلك في عمل نساء المؤمنين, (هذا إجماع عملي دال على عموم حكم الآية لجميع نساء المؤمنين )
[ الحراسة : ص 40 ] .
وقال أيضاً :
((معلوم أن العمل المتوارث المستمر من عصر الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم حجة شرعية يجب اتباعها، وتلقيها بالقبول، وقد جرى الإجماع العملي بالعمل المستمر المتوارث بين نساء المؤمنين على لزومهن البيوت، فلا يخرجن إلا لضرورة أو حاجة، وعلى عدم خروجهن أمام الرجال إلا متحجبات غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات عن شيء من الأبدان، ولا متبرجات بزينة.
واتفق المسلمون على هذا العمل المتلاقي مع مقاصدهم في بناء صرح العفة والطهارة والاحتشام والحياء والغيرة، فمنعوا النساء من الخروج سافرات الوجوه، حاسرات عن شيء من أبدانهن أو زينتهن.
5- قال الموزعي الشافعي في تيسير البيان لأحكام القرآن ( 2/ 1001 ) :
( لم يزل عمل الناس قديما وحديثا في جميع الأمصار والأقطار ، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها ، ولا يتسامحون للشابة ، ويرونه عورة ومنكرا ..)
6- وقال محمد بن يوسف أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط ( 7/ 240 ) :
( ..وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة ) .
7- وكذلك لقول القرطبي :
(القرطبي والصحيح أن الجلباب يغطي جميع البدن)
وآيةالحجاب ليست خاصة بزوجات النبي لأن العلة عامة_ ذلك أطهرلقلوبكم وقلوبهن _ فبقية النساء أحوج الى طهارةالقلب .
الأدلة من النظر: • قال الشنقيطيُّ، رحمه الله: إنَّ المنصف يعلم أنَّه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنِّساء في الكشف عن الوجه أمام الرِّجال الأجانب، مع أنَّ الوجه هو أصل الجمال والنَّظر إليه من الشابَّة الجميلة هو أعظم مثير للغرائز البشريَّة، وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي. (أضواء البيان تفسير القرآن بالقرآن 6/602).
ويتَّضح مما سبق جلياً ظاهراً أن قول الجمهور هو القول بعورة وجه المرأة،
بل حكى الإجماع على ذلك أئمة يعتمد نقلهم للإجماع وهم: • ابن عبد البر من المالكية المغاربة. • والنووي من الشافعية المشارقة . • وابن تيمية من الحنابلة. • وحكى الاتفاق السهارنفوري، والشيخ محمد شفيع الحنفي من الحنفية.
فهل يبقى بعد ذلك حجة لمدعٍ أن قول الجمهور خلاف ذلك ؟.
منقول.. بتصرف بسيط

هناك تعليق واحد: